الوحي
بواسطة الملَك، والنبيّ: هو المُخبِر عن الله تعالى, بكتاب أو إلهام أو تنبيه في منام([800]).
وأمّا عند الحكماء: فهو من اجتمع فيه خواص
ثلاث: أحدها: أن يكون له اطّلاع على المغيّبات الكائنة, والماضية, والآتية([801])، ولا يستنكر هذا؛ لأنَّ النفوس الإنسانية
مجردة في ذواتها, ولها نسبة إلى المجردات المنتقشة بصور ما يحدث في هذا العالم
العنصري ـ كالعقول على مذهبهم([802])ـ لكونها مبادئ له، فقد تتصل النفس بها بواسطة الجنسيّة, إتصالاً معنوياً,
وتشاهد ما فيها فتحكيها.
وثانيها:
أن تظهر منه الأفعال الخارقة للعادة؛ لكون هيولى العناصر مطيعة له, منقادة
لتصرّفاته, انقياد بدنه لنفسه، ولا يستبعد ذلك، فإنَّ النفوس البشرية بتصوراتها
مؤثّرة في المواد البدنية، كما تشاهد من الإحمرار والإصفرار والتسخّن عند الخجل
والوجل([803]) والغضب، فلا يبعد أن تقوى نفس النبيّ, حتى
يحدث بإرادته في الأرض زلازل وخرق وغرق, وهلاك أشخاص ظالمة, وخراب مدن([804]) فاسدة، كيف وتشاهد مثلها من أهل الرياضة
[800]
اُنظر: الاختصاص للشيخ المفيد:328ـ329, الفرق بين الرسول والنبي والمحدث, تقريب
المعارف لأبي الصلاح الحلبي:102, القسم الأول, مسائل النبوة.