وأمّا المعتزلة فمن جهة أنَّ ما هو قبيح منه
يتركه وما يجب عليه يفعله([708]), والدليل على ذلك أنَّ واجب
الوجود قادر, عالم بتفاصيل جميع الأشياء, ومن جملتها القبائح وترك الواجبات، فيكون عالماً بتفاصيل القبائح
وترك الواجب([709])،
وهو مستغن عن فعل القبائح وترك الواجب([710])؛
لـمّا تقدّم من الأصول
في المباحث السابقة, من أنّه غنيّ بالإطلاق عن الغير في ذاته وصفاته، وكلّ
من كان كذلك ـ أي
عالماً بالقبيح من حيث هو قبيح, مستغنياً عنه ـ يستحيل
عليه فعل القبيح وترك الواجب بالضرورة ، وإلّا يلزم السفه، تعالى الله عن ذلك علوّاً كبيراً([711]).
ينتج من([712]) ترتيب المقدّمات
المذكورة، أنَّ الواجب لا
يفعل القبيح, ولا يخلّ بالواجب ـ أي لا يتركه ـ، وهو المطلوب.
أصل: في بيان أفعال العباد هل هي واقعة بقدرتهم
أو بقدرة الله تعالى؟
قالت الشيعة وجمهور المعتزلة: الأفعال
التي تصدر من عبيده هم موجدوها بالإختيار ـ أي هي واقعة بقدرتهم وحدها على سبيل الإستقلال بلا
إيجاب, بل اختيار؛ وذلك لأنّها ـ أي تلك الأفعال ـ تحصل منهم بحسب
دواعيهم وإرادتهم
بالضرورة، فإنَّ من رام دفع حجر في جهة, إندفع إليها بحسب قصده
[708] اُنظر: شرح الأصول الخمسة للقاضي عبد الجبار:35, في أنّه عزّوجلّ
عادل.