عالم
القدس, ويقصر أمنيته على نيل محلّ الرَوْح([679])والأُنس،
ويسأل الخضوع والإبتهال من([680])حضرة
ذي الجود والأفضال, أن يفتح على قلبه باب خزانة رحمته, وينوّره بنور الهداية التي
وعده بعد مجاهدته،
حيث قال: (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا
لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا) ([681])، ليشاهد
الأسرار([682])الملكوتية
والآثار الجبروتية, ويكشف في باطنه الحقائق الغيبية والدقائق الفيضية، فإنّ النفس إذا هذّبت ظاهرها وباطنها عن
رذائل الأعمال والأخلاق، وقطعت عوائقها عن التوجّه إلى مركزها الأصلي بمقتضى
طباعها، اتّصلت بعالم الغيب للجنسية اتصالاً معنويّاً، فينعكس إليها ممّا ارتسمت
فيه من النقوشالعلمية، فتتحلّى النفس حينئذٍ بالصور الإدراكية
القدسيّة، ثمّ الإدراكات الفائضة على النفس في هذه المرتبة أقوى من الفائضة عليها
عقيب النظر والاستدلال من وجهين:
أحدهما: إنّ
الحاصل عقيب النظر([683]) لا يخلو عن الشبهات الوهمية؛ لـمّا مرّ من
أنّ الوهم له استيلاء في طريق المباحثة, بخلاف تلك الصور القدسية التي ذكرناها؛
لاضمحلال القوى الحسّية هناك, وصيرورتها مسخَّرة للقوى العقلية، فلا يمكنها
المنازعة لها في حكمها.
[679]
الرَوح بفتح أوله: الراحة والإستراحة والحياة الدائمة. مجمع البحرين
للطريحي:2/353.