الأول:
طريق النظر([652]) والإستدلال, وغاية مرتبته في هذه المعرفة
القدر الذي ذكر ولا يمكن التجاوز عنه، ولا يتيسّر في علم الكلام تحصيل أكثر منه.
والثاني:
طريق أهل الرياضة والمجاهدة، والإدراك الحاصل بهذا الطريق أقوى من الحاصل بالطريق
الأول لـمّا سنذكره, ولـمّا أشار المصنِّف إلى الطريق المخصوص بالقوة النظرية,
أراد أن يشير إلى الطريق الثاني المختص بالقوة العملية, فقال: ومن
أراد الإرتقاء في
باب معرفة المبدأ والمعاد عن هذا المقام ـ الذي هو مقام النظر الإستدلال ـ ينبغي
أن يتحقق أنَّ وراء ذلك شيئاً هو أعلى من هذا المرام([653])، وهو ما يترتّب على الرياضات([654]) الحقّانية والمكاشفات
[652] في حاشية ح: وهو الطريق على قاعدة أهل البحث والنظر, الذين
يبنون علومهم على استخراج النتائج من المقدّمات, مع مراعاة شرائط الإنتاج بطريق
البرهان, كما هو مذكور في علم الميزان.
[653] قال ملّا خضر
الحبلرودي: وهي مرتبة عين اليقين, الحاصلة بالمكاشفة, المتوقِّفة على تصفية الباطن
والرياضة التامة على قانون الشريعة, بالطريقة المعتبرة عند أهل الكشف والحقيقة,
المأخوذة من سلطان الأولياء أمير المؤمنين وأولاده الأئمة النجباء الهادين
المهديين عليهم سلام الله, وعلى سائر المعصومين, ومن تلامذتهم المتّقين, وأمّا
مرتبة حقّ اليقين التي هي أكمل المراتب اليقينية وكمالها, فلا تحصل إلّا في الآخرة,
عند رفع الحجاب وقطع العلائق بالكلّية, وقول سلطان الأولياء أمير المؤمنين عليه
السلام: لو كشف الغطاء ما ازددت يقيناً(أ) لا ينافي ذلك؛ لأنَّ المراد به عدم زيادة أصل مراتب اليقين. (حاشية ح).
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
( أ ) غرر الحكم للآمدي:119/2086.
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
[654] في حاشية ح: لكن بعد مجاهدات نفسانية, وإزالة عوائق
بدنية ونفسانية, كما أشار إليه المصنّف.