فقد جاء في الصحيحين: إنَّ لله تعالى تسعة وتسعين اسماً, مائة إلّا واحداً, من
أحصاها دخل الجنة([623]). وليس فيهما تعيين تلك الأسماء، لكن الترمذي
والبيهقي عيّناها كما هو المشهور([624]), وإحصاؤها أمّا حفظها؛ فلأنّه إنـَّما يحصل
بتكرار مجموعها, وتعدادها مراراً، وأمّا ضبطها حصراً وتعداداً, وعلماً وإيماناً,
وقياماً بحقوقها([625])، نسأل ألله أن يوفقنا للعلم والتخلّق بها,
إنّه اللطيف المجيب([626]).
ختم لباب التوحيد, وإرشاد للطالبين إلى طريق النجاة.
فنقول: هذا
القدر الذي ذكرناه في
معرفة ذاته وصفاته، التي هي ـ أي تلك المعرفة ـ أعظم أصل من أصول
الدين([627])،
بل هو ـ أي المعرفة
المذكورة,
[623] صحيح البخاري:1231, ح:6410, كتاب الدعوات. صحيح مسلم:8/275ـ276,
باب: في أسماء الله تعالى وفضل من أحصاها.
[624] سنن الترمذي:5/303ـ304, ح:3518. السنن الكبرى للبيهقي:10/48ـ49, باب
أسماء الله.
[625] اُنظر: شرح المواقف للجرجاني:233ـ234, الموقف الخامس: في الإلهيات,
المرصد السابع: في أسماء الله, المقصد الثالث.
[627] قال المقداد: وأصول الدين عندنا: هي التوحيد, والعدل, والنبوة,
والإمامة, فهي أربعة حينئذٍ, فيدخل في مباحث التوحيد بحث الذات والصفات بأقسامها
الثلاثة, وفي مباحث العدل وجوب التكليف, واللطف, والثواب, والعقاب, والمعاد
وغيرها, وفي بحث النبوة وجوب اعتقاد أُصول الشريعة, وأحوال القيامة وكيفياتها,
وغير ذلك, وفي الإمامة وجوب حفظ التكليف والشريعة في كلّ زمان. وإن شئت قلت: معرفة
الله تعالى هي أصل الدين بالحقيقة؛ لأنّ ما عداها كلّه من لوازمها وتوابعها, فتكون
هي أصل الدين؛ ولذلك صار علم الكلام أشرف العلوم؛ لأنّ كلّ ما كان موضوعه أشرف فهو
أشرف, ألا ترى أنّ علم الجوهر أشرف من علم الدِّباغة وصنعة النعال؟ وذلك ظاهر.
الأنوار الجلالية:101, الفصل الأول, التوحيد.