ذكرتموه راجع إمّا إلى العلم
أو الإرادة، واختار المصنِّف رحمه الله مذهب الشيعة, فقال: البارىء
تعالى قادر على
إيجاد جميع الممكنات، فيكون قادراً على إيجاد حروف
وأصوات منظومة ـ أي
مرتّبة ـ في جسم جامد، كما أوجد في شجرة موسى عليه السلام، أو غير
جامد، وإنـّما خصَّ الجامد بالذكر في المشهور؛ لأنّ كون الحروف والأصوات فيه
بإيجاد الله تعالى أظهر، وهو([596]) ـ أي الموجود المنتظم من الحروف والأصوات ـ كلامه
تعالى, وهو باعتبار خلقه إيّاه متكلّم, لا باعتبار اتّصافه([597]) به؛ لامتناع اتصافه تعالى بالحادث، ويعلم
من تركيبه ـ أي
الكلام المذكور ـ من الحروف والأصوات كونه غير قديم([598])؛
لأنّه عرض لا يبقى ـ
أي لا يمكن بقاؤه ـ بل هو على التجدّد
[596]
قال الحبلرودي: فإن قلت: الحروف والأصوات جمع, وكلّ جمع غير الجمع المذكر السالم
مؤنث, يجب تأنيث الضمير الراجع إليه, فَلِمَ ذكّره؟ قلتُ: لتوسّطه بين مذكر ومؤنث
متّحدين فيما صدقا عليه, فإنّه كلّما كان كذلك فأنت بالخيار بين التذكير والتأنيث,
والتذكير أولى.(حاشية ح).
[598]
في حاشية ث: ولا يخفى أنّه لو كان كلامه تعالى قديماً, لزم الكذب في إخباره
تعالى, كقوله جلّ وعلا: إِنَّا أَرْسَلْنا
نُوحاً إلى قَوْمِهِ نوح:1, إذ
لم يوجد نوح في الأزل, ولا غيره, فتأمل.