في
الإيجاد أو في الترك مصلحة مرجّحة أحدهما على الآخر يسمّى إرادة([526]), وإرادته
قديمة, أمّا عندنا وعند الحكماء([527]) فلكونها عين ذاته وذاته قديمة,
وأمّا عند الأشاعرة فلإستحالة إتصافه بالحوادث([528]), وذهب الجبائية([529]) ـ من المعتزلة ـ إلى أنّها
حادثة قائمة بذاتها لا بذاته تعالى([530]), ولا يخفى فساده([531]), وقالت الكرامية: إنّها حادثة قائمة بذاته
تعالى([532]), ويعلم بطلانه ممّا مرّ من امتناع قيام الحوادث بذاته
تعالى.
[526]
اُنظر: اوائل المقالات للشيخ المفيد:12ـ13, القول في الصفات.
[529] الجُبّائية:
أصحاب أبي علي محمد بن عبد الوهاب الجُبَّائي, نسبة إلى جُبّى من بلاد خوزستان,
قريباً من البصرة والأهواز, وكان رأساً في علم الكلام, ومن معتزلة البصرة, من
الطبقة الثامنة, وهو شيخهم, وانفرد عن أصحابه بعدّة مسائل, كانت نواة لتأسيس الجُبّائية,
منها أنّه أثبت إرادة حادثة لا في محلّ. ومنها: إنّ الله تعالى متكلّم بكلام يخلقه
في محل. ونفى كرامات الأولياء, وغيرها من المسائل المذكورة في محلّها, وقال عنه
الشهرستاني: والرجل فلسفيّ المذهب, إلّا أنّه روّج كلامه على المعتزلة في معرض
الكلام, فراج عليهم لقلّة معرفتهم بمسالك المذاهب. على حدّ تعبير الشهرستاني.
اُنظر: الملل والنحل للشهرستاني:32ـ35, الجُبّائية والبهشمية. موسوعة الفرق والجماعات
لعبد المنعم الحنفي:203ـ204, الجبائية.
[530]
اُنظر: الفائق في أصول الدين للخوارزمي:42, باب القول في وصفه بأنّه مريد. الملل
والنحل للشهرستاني:32ـ33, المعتزلة, الجبائية.
[531] قال المقداد: لاستحالة عَرَض لا في محلّ ضرورة, ولأنّه يستلزم
التسلسل؛ إذ كلّ حادث يستدعي سبقية إرادة فاعلية المختار. اُنظر: الأنوار
الجلالية:89, الفصل الأول, التوحيد.