محلاً للحوادث ـ نقص يجب تنزيهه عنه تعالى([485])، قالوا: وكذا لا يعلم الجزئيات المتشكّلة,
وإن لم تكن متغيّرة, كأجرام الأفلاك الثابتة على أشكالها؛ لأنَّ إدراكها إنّما
يكون بآلة جسمانية, وكذا الحال في الجزئيات المتشكّلة المتغيّرة, إذ قد اجتمع فيها
المانعان, بخلاف الجزئيات التي ليست متشكّلة ولا متغيّرة, فإنّه يعلمها بلا محذور,
كذاته وذوات العقول([486]).
وهذا الكلام([487]) منهم يناقض
قولهم: إنَّ العلم التام بالعلّة يوجب العلم بالمعلول, وإنَّ ذات الباري تعالى
علّة لجميع الممكنات([488]),
وإنـّه تعالى يعلم ذاته
المقدّسة بالكنه, إذ يلزم من هذه المقدّمات أن يكون عالماً بجميع الأشياء, كلياً
كان أو جزئياً, والعجب منهم أنـّهم
مع دعواهم الذكاء كيف غفلوا عن هذا التناقض؟! وقد التجأوا في دفعه إلى تخصيص القاعدة العقلية, بسبب
مانع هو التغيّر, كما هو دأب أرباب العلوم الظنّية, فإنـّهم يخصّصون قواعدهم
بموانع يمنع طردها([489]), وذلك ممّا لا يستقيم في العلوم اليقينية, فهم إذن واقعون بين
أمور خمس, لابدّ من
إلتزام أحدها لدفع هذا التناقض: أمّا أن يثبتوا
للجزئيات الزمانية([490])علّة
لا تنتهي في السلسلة إلى العلّة الأولى, حتى لا يلزم من
[485] اُنظر: التعليقات لابن سينا:8, علم واجب الوجود. الشفاء لابن
سينا:2/358ـ359, الإلهيات, المقالة الثامنة, الفصل السادس.