فإن قلت: إذا كان هذا الحكم بديهياً, والإحتجاج
تنبيهاً, فالذي يجوّز صدور أشياء عنه, بل يسند جميع الأشياء إليه ابتداءً, كيف
يتخلّص عن هذا المضيق([401])؟ قلت: يتخلّص عنه بمنع البداهة, فإنَّ أهل
الملل ـ على كثرتهم وتفاوت طبقاتهم ـ قد خالفوا هذا الحكم, فلا يكون دعوى البداهة
فيه مسموعة([402]), وعلى تقدير التسليم, يتخلّص عنه بأنّه
تعالى فاعل مختار([403]), يصدر عنه ـ بحسب تعلّق([404]) إرادته([405]) ـ ما شاء, فلا يكون هذا الحكم مناقضاً لـمّا
ذهب إليه من إسناد جميع الأشياء إليه, نعم لو كان موجباً ـ على
ما يزعمه الخصم ـ لأشكل عليه الأمر, مع إمكان دفعه بأنّه تعالى في نفسه متّصف بحسب
الخارج بسلوب وإضافات, فجاز أن يصدر عنه باعتبارها أشياء متكثّرة, ولا يلزم من ذلك
إلّا أن يكون له تعالى كثرة إعتبارية, لا في ذاته بل في سلوبه وإضافاته, ولا محذور
فيه؛ ولذلك ـ أي ولأنَّ الواحد([406]) لا يصدر عنه إلّا الواحد, وأنَّ الباري
تعالى واحد حقيقي([407]) ـ قالوا:
لا يصدر عن الباري تعالى
[401]
في حاشية ح: وهو أنّ الواحد الحقيقي لا يصدر عنه إلّا
واحد.
[402]
في حاشية ح: وأيضاً إنّها في محلّ النزاع فلا تسمع.
[403]
في حاشية ح: والمختار فعله وأثره تابع للقدرة والداعي,
والقدرة صفة تؤثّر وفق الإرادة, وإذا كان كذلك فيجوز أن يصدر عنه…إلى آخره.
[404]
في حاشية ث: لفظ التعلّق زائد, بل مُخلٌّ تبنّيه.