وأنت تعلم
أنَّ مذهب المتكلّمين إنّه تعالى قادر مختار, ففيه تكثّر باعتبار الصفات وتعلّقات
الإرادة, فلا تندرج في هذه القاعدة, فلا تكون منافية لمذهب المتكلمين, وكلّ
شبهة لهم ـ أي
للفلاسفة ـ على هذه الدعوى ـ يعني قولهم: الواحد لا يصدر عنه إلّا
الواحد ـ في غاية الركاكة([388]), مثل قولهم: لو كان الواحد الحقيقي مصدراً لـ
(أ) و(ب) لكان مصدرية (أ) غير مصدرية (ب), لإمكان عقل كلّ منهما([389]) بدون الأخرى, فإن دخل فيه([390]) هذان المفهومان أو أحدهما لزم التركيب في
الواحد الحقيقي, هذا خُلف([391]), وإن لم يدخلا, ولا أحدهما, كان الواحد
الحقيقي مصدراً لمصدريتهما أيضاً, كما كان مصدراً لهما؛ إذ لا يجوز أن تكون
المصدريتان مستندتين إلى غيره, وإلّا لم يكن هو وحده مصدراً لـ (أ) و(ب), والمقدّر
خلافه, فنقول: كونه مصدراً لإحدى المصدريّتين غير كونه مصدراً للأخرى, فهذان
المفهومان إن دخلا فيه لزم التركيب, وإلّا كان مصدراً لهما أيضاً, ولزم التسلسل في
المصدريات, وأيضاً لو كان مصدراً لـ (أ) و(ب) ـ مثلاً ـ لكان مصدراً لـ (أ) ولما
ليس (أ)؛ لأنَّ (ب) ليس (أ), ولكان أيضاً مصدراً لــ (ب), ولما ليس (ب), وإنّه
تناقض, والجواب عن الأول: إنّا