أي يصحّ منه إيجاد العالم وتركه, ليس شيء منهما لازماً
لذاته, بحيث يستحيل انفكاكه عنه, وإلى هذا ذهب الملّيون قاطبةً, خلافاً للفلاسفة
حيث ذهبوا إلى أنّه موجَب, وسيأتي تفصيل مذهبهم. إعلم أنَّ العقلاء اختلفوا في
أنَّ صفات الله تعالى من العلم والقدرة وغيرهما هل هي عين ذاته, أو غيره قائمة به
على قياس سائر الصفات بالقياس إلى موصوفاتها؟ فذهب الأشاعرة ومن يحذو حذوهم إلى الثاني,
فهو عالم بعلم, قادر بقدرة, مريد بإرادة([352]), وعلى هذا القياس. وذهب الشيعة والحكماء إلى
الأول, وقالوا: هو عالم بالذات, قادر بالذات, وهكذا في باقي الصفات([353]). وللمعتزلة تفصيل يأتي في كلّ مسألة.
واحتجّت الأشاعرة: بأنّه لو كان مفهوم كونه
عالماً حياً قادراً نفس ذاته لم يفد حملها على ذاته, وكان قولنا: الله قادر عالم,
بمثابة حمل الشيء على نفسه, واللازم باطل؛ لأنَّ حمل هذه الصفات على ذاته يفيد
فائدة صحيحة, بخلاف قولنا: ذاته ذاته, وإذا بطل كونه نفساً ولا مجال للجزئية([354]), تعيّنت الزيادة على