بالداعي العلم بما في
الفعل من المصلحة([343]), والقدرة: صفة تؤثّر وفق الإرادة([344]), فخرج ما لا تأثير له كالعلم, وماله تأثير
لكن لا على وفق الإرادة كالطبيعة, لكن هذا التعريف لا يستقيم على رأي الأشاعرة؛
لانتقاضه بالقدرة الحادثة, إذ لا تأثير لها عندهم ـ كما سيجيء ـ وأثر
القادر مسبوق بالعدم,
إتفاقاً من المتكلّمين وغيرهم, فيكون حادثاً.
والحكماء إنـَّما أسندوا القديم إلى الله تعالى؛ لاعتقادهم أنّه تعالى موجَب([345]),
[343] اُنظر: الرسائل للشريف المرتضى:2/270, الحدود والحقائق. الحدود
والحقائق للقاضي الآبي:19, الحدود لقطب الدين النيسابوري:101.
[344]
القدرة: صفة تقتضي صحة الفعل من الفاعل لا إيجابه. كشف المراد للعلّامة
الحلّي:227, المقصد الثاني, الفصل الخامس, المسألة 23 في أحكام القدرة.
[345] قال المقداد: اشتهر عن الحكماء عدم القول باختيار الصانع لقولهم
بقِدَم العالم, المستلزم لإيجاب الفاعل, والمتأخرون نقلوا خلاف هذا المشهور,
وقالوا: إنّ المحققين من الحكماء, يقولون باختيار الصانع, بل إنـَّما محلّ النزاع
بينهم, أنَّ فعل المختار هل يجوز تأخّره أم لا؟ فالحكماء قالوا: لا يجب, وفسّروا
المختار, بأنّه الفاعل بقدرة وإرادة, فإذا انضمّت الداعية إلى القدرة, يجب أن يكون
الفعل معها بالزمان؛ لأنّ الفاعل مع الداعي يصير علّة تامة, والعلّة التامة لا
يتأخر معلولها عنها, وقدرة الله وإرادته قديمتان, فوجب عندهم قِدَم العالم. وأمّا
المتكلّمون, فإنَّ أكثرهم جوّزوا تخلّف الأثر عن مجموع القدرة والداعي, بل أوجبوه,
لإحالتهم الداعي(أ) إلى موجود, فلذلك أوجبوا حدوث العالم. الأنوار
الجلالية:75ـ76, الفصل الأول, التوحيد.