ولكن ما أسرع أن أتاه الفرج على يد زوجته التي أخرجته من هذه الحيرة وأنقذته من خيار يؤدي به إلى خسران الدنيا والآخرة، فقد أسمعته رضوان الله عليها كلمات قطعت عليه التردد وأحرزت عنده القطع بأن الذهاب إلى الحسين عليه السلام هو الذي فيه تحصيل لرضا الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم؛ قائلة له وقد بدا عليها التعجب من حيرته: «سبحان الله، يبعث إليك ابن رسول الله فلا تجيبه»!!؟.

فقام إلى الحسين عليه السلام فلم يلبث أن انصرف، وقد أشرق وجهه فأمر بفسطاطه فقطع، وضرب إلى لزق فسطاط الحسين عليه السلام ولحق بالحسين عليه السلام([186]).

وكان الإمام الحسين عليه السلام قد ذكرّه بحديث الصحابي سلمان المحمدي رضوان الله عليه حين خرج معه في غزوة بلنجر التي غلبوا فيها العدو، ففرحوا بنصرهم فالتفت سلمان إلى زهير قائلاً له:

«إن أدركتم سيد شباب آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم فكونوا أشد فرحاً بقتالكم معه بما أصبتم من الغنائم، فأما أنا فأستودعكم الله»([187]).

ولذا نرى زهيراً قد انقلب من الحيرة إلى اليقين بأن هاهنا تحصيل السرور الأعظم لأن فيه رضا الله ورضا رسوله صلى الله عليه وآله وسلم.

المشهد الرابع: جمال المصيبة في الصبر

من مظاهر الجمال في عاشوراء أن تجد جمالاً في محل يعتقد أنه فُقد فيه الجمال لكثرة ما احتوى من الحزن والألم والمصائب. حتى

[186] الأخبار الطوال للدينوري: ص 246.

[187] الإرشاد للشيخ المفيد رضي الله عنه: ج2، ص73. مثير الأحزان لابن نما الحلي: ص34. بحار الأنوار للمجلسي: ج44، ص372. العوالم للبحراني - الإمام الحسين عليه السلام -: ص222. تاريخ الطبري: ج4، ص399. الكامل في التاريخ: ج4، ص42. مقتل الحسين عليه السلام لأبي مخنف: ص75. معجم ما استعجم للبكري الأندلسي: ج1، ص276. الدر النظيم لأبي حاتم العاملي: ص548. المجالس الفاخرة لشرف الدين: ص221.