قال العلامة الطباطبائي: لما كان سؤال السائل للعذاب عن تعنت واستكبار وهو مما يشق تحمله، أمر نبيه صلى الله عليه وآله وسلم بالصبر ووصفه بالجميل؛ والجميل من الصبر ما ليس فيه شائبة الجزع والشكوى، وعلله بأن اليوم بما فيه من العذاب قريب([27]).

فكان تعايشهم مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم داخل المجتمع بما فيه من ألم لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلاّ أنه كان يقابلهم بالصبر الجميل مُنْزلاً كل ذلك في ساحة رضا الله وبعين الله تعالى.

المسألة الثالثة: مفردة الجمال في المعالجة السياسية الإصلاحية

قال تعالى:

(وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا) ([28]).

قالوا في اللغة: إن السياسة، هي القيام على الشيء بما يصلحه([29]).

وهنا يرسم القرآن الكريم للنبي صلى الله عليه وآله وسلم طريقاً للتعامل مع أولئك المتقولين فيأمره بالصبر والهجر الجميل.

والهجر، هو: الترك، فيقال: هجرت الشيء هجراً، إذا تركته وغفلته؛ فيكون سياق الآية في أسلوب التعامل مع المعارضة هو «بأن تجانبهم وتدانيهم ولا تكافئهم وتكل أمرهم إلى الله»([30]).

وفي المورد نفسه، أي: الجانب السياسي يوجه القرآن الكريم النبي

[26] سورة المعارج، الآيات: (1 - 5).

[27] تفسير الميزان، سورة المعارج، ج 20، ص 8.

[28] سورة المزمل، الآية 10.

[29] لسان العرب لابن منظور: ج 6، ص 108.

[30] بحار الأنوار: ج 9، ص 165.