في حين نشأ مذهب آخر للفلاسفة حاولوا فيه الجمع بين الرأي الأول والثاني في معرفة الجمال، فكان المذهب (الموضوعي الذاتي).

فضلاً عن ذلك:

فإن الجمال هو واحد من القيم الثلاث التي يكتمل بها قوام الإنسان السوي، وهي (الحق، والخير، والجمال) فهذه القيم قد تماسكت فيما بينها ولزمت العقل ورسمت له طريقه في تكوين حياة كريمة، مما يتعذر ــ وبشكل كبير ــ الفصل بين هذه القيم الثلاث وذلك لتداخل معانيها (مما يحتاج إلى بصيرة نافذة قادرة على تحديد ميدان كل قيمة من هذه القيم.

فالإنسان السوي، بوجوده على أرض الواقع، تكون شخصيته حصيلة لعمل ملكاته المتعددة، مثل ملكات (التفكير، والإرادة، والإحساس).

وارتباط كل ملكة من هذه الملكات بقيمة محددة من القيم الثلاث، كاختصاص ملكة التفكير بالحقيقة، وملكة الإرادة بالخير، وملكة الإحساس بالجمال.

ولا ينكر أن ملكات الإدراك الثلاث هذه مترسخة في داخل الإنسان وتخضع بشكل أو بآخر لطبيعته وتذبذب حالته النفسية فتتراوح ما بين الشدة والضعف في صدق الإدراك والإصابة والخطأ في الحكم.

لذلك:

فإن إدراك هذه القيم وتقديرها (الحكم عليها) لابد أن يتأثر بالحالة الذاتية للإنسان بشكل أو بآخر، وعلى الأقل فإن للحالة الخاصة للشخص المدرك أكبر الأثر في إدراك ما يقابلها من قيمة.

وكما رأى (كانت): فإن الجمال لا يعدّ شيئا في حالة انفصاله عن

[2] مقدمة في علم الجمال، تأليف محمد سعيد حسان وخلود بدر: ص22.