نام کتاب : الجمال في عاشوراء نویسنده : السيد نبيل الحسني جلد : 1 صفحه : 144
لرضيعه الذي أحاطت به الأخطار، والثانية من طفل لم يذق الماء منذ ثلاثة
أيام فغارت عيناه، ويبست شفتاه، وتشققت، كأنها أرض تصرخ لطلب الماء.
أمّا نظرة الوالد المفجوع فكانت
ممزوجة بالدمع والابتسامة؛ فدمعه كان يحكي لطفله قصة ما جرى على أخوانه وأهله وأحبابه
وعماته، كي يكون شاهداً على ما جرى عند خروج المهدي الموعود عجل الله تعالى فرجه
الشريف. حينما يكون بينهما اللقاء في كربلاء.
وأمّا ابتسامته التي شقت طريقها من
بين هذه الدموع خاطبته: شكراً لك ولدي الرضيع، فها قد أدخلت بعض السرور على قلبي
الذي لم يبقَ فيه موضع لم يصب. بني، اصبر قليلاً، فها هي جدتك الزهراء قد مدت يديها
إليك لتضمك إلى صدرها وتسقيك. والنظرة الثانية، نظرة الطفل الرضيع في وجه أبيه، فإنها
كانت تحكي له أمنيات عديدة؛ أولها أن يفديه كأخوته، وثانيها أن يحمله إلى مكان
بعيد، أو أن يأتيه بجده النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأبيه علي عليه السلام،
وعمومته حمزة بن عبد المطلب وجعفر الطيار وبني هاشم، أو لعله يستطيع أن يجمع له
أنصاراً يلبون استغاثته، أو أن يأتيه بالماء. آه لهذا الطفل الرضيع كم كانت
أمنياته كثيرة لم يجد لها سبيلاً! ولم يملك بعدها غير هذه الابتسامة في وجه أبيه
من ثغرٍ شققه العطش. عله يدخل على قلبه شبح السرور ويحمل عنه بعض هذه الهموم فهذا
الذي يملكه في الحقيقة.
لكن.. آه، وألف آه، لهذه الحقيقة
وهذه الابتسامة التي نحرت في حجر أبيه فضاعت معها الأمنيات وذبحت معها ابتسامة
الرضيع بسهم ذبح معها الرضيع. فأطفأ جماله، وقتل سرور أبيه!!!.
فلا سرور في قلوب آل محمد صلى الله
عليه وآله وسلم بعد هذا الرضيع، حين نحر جمال الطفولة في حجر الحسين عليه السلام([279]).
نام کتاب : الجمال في عاشوراء نویسنده : السيد نبيل الحسني جلد : 1 صفحه : 144