فالقلب هو الذي يقرر هذا الجمال، وهو القادر على إدراك تلك التجليات التي يراها المخلصون والعارفون؛ وهو الوحيد الذي يشخص ما تراه العيون فإما النفرة، وإمّا الأنس.

ولذلك، ظهر جمال الأخوة في عاشوراء في ثلاث ركائز هي: «الناصح، والمواسي، والمدافع» لتشكل هرماً حصيناً بدا في غاية المتانة والرصانة والحسن.

الركيزة الأولى: النصح

قال عليه السلام:

«أشهد لقد نصحت لله ولرسوله ولأخيك»([263]).

وهنا يشير الإمام الصادق عليه السلام إلى صفة خاصة امتاز بها العباس بن علي عليهما السلام، وأن هذه الصفة لا تكشف فقط عن جمال أخوته للحسين عليهما السلام؛ وإنما تكشف عن رتبته الإيمانية؛ وتكشف أيضاً عن السبيل الذي أوصله إلى هذا المقام الرفيع والدرجة السامية.

والنصح في اللغة: هو الخلوص.

قال الأصمعي: الناصح الخالص من العسل وغيره، مثل الناصع، وكل شيء خلص فقد نصح([264]).

وقال الزبيدي:النصح،والنصيحة،والمناصحة:إرادة الخير للغير وإرشادهُ له.

وفي النهاية لابن الأثير: النصيحة، كلمة يعبر بها عن جملة، هي: إرادة الخير للمنصوح له، وليس يمكن أن يعبر عن هذا المعنى بكلمة واحدة تجمع معناها غيرها.