نام کتاب : العباس بن علي عليه السلام: بحث في جوانب عظمته من خلال واقعة كربلاء نویسنده : محمد البغدادي جلد : 1 صفحه : 77
قبليّة،
كتلك الكرائم المعروفة عن العرب المسلمين، إذ ما لم يفوا لعروبتهم ولا لإسلامهم،
وقد حكت عن هذا الجيش سيرته قبل المعركة وكشفت عمّا سيصدر منه في أثناء المعركة
وبعدها، فما يضمّ غير وحوش ضارية أجيعت ثم أطلقت على فرائسها، فما ظنّك بوحوش
الغاب وهي تصول على حفيد رسول الله وأهل بيته وصحبه وفيهم النساء والأطفال.
أقول: إن ردّ الأمان يثير علامات استفهام، عن تلك النفوس الكبيرة التي
رفضت الحياة ــ على غير طريق الله وأحكام دينه ــ رفضاً باتّاً لا رجعة فيه،
وفضّلت تجرّع كأس الشهادة على يد تلك الوحوش الضارية وتحت حدّ سيوفها وحرابها.
ما الذي يدفع العباس وأخوته، إلى تفضيل هذا الخيار وحسم أمرهم عليه؟
وينبغي أن لا نغفل أن لأبي الفضل دور الريادة في ردّ هذا الأمان وقد حذا إخوته
حذوه واهتدوا بنهجه.
لعلّ غيرهم يتردد في هذا الموقف، أو يتوقف عن هذا الاختيار بدعوى: عدم
انتفاع الإمام الحسين عليه السلام من استشهاد هذه الثلّة معه، ولو أبقى المرء على
نفسه، وأخذ بالأمان وانسحب من ساحة المعركة فإنه قد ينفع الإمام منافع، له ولقضيته
أجدى من الموت معه، إذ ينقل قضية الإمام بواقعها، وتسلسل الأحداث، وأوامر الإمام
وتوجيهاته للأمة لاستثمار قضيته وشهادته، ثم يعمل من بعد على نشر الدين والفضيلة،
ويحفظ عائلة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في ظرف الشدّة، ونحو هذي من الأفكار
التي تتسارع خطوراً على الذهن البشري في مثل هذه المنعطفات والمنزلقات.
على أن المرء قد يجد وجهةً في الأخذ بمثل هذه الأفكار ونحوها، وليس لديه
وقت طويل للتأمل، ولاسيما إذا لم يلاحظ ويتأمل في نتيجة فعله وما ستترتب عليه من
آثار.
وإذا تأمل في الآثار والنتائج، فإن هذه مشكلة أخرى، إذ كيف يقطع المرء
بأن نتيجة هذا الاختيار هكذا، ونتيجة ذلك الخيار كذا، ولعلّ في
نام کتاب : العباس بن علي عليه السلام: بحث في جوانب عظمته من خلال واقعة كربلاء نویسنده : محمد البغدادي جلد : 1 صفحه : 77