هنا
جاء الوصف الإلهي ليوم البعث بأنه يوم ((القيامة،
وهذا ما يدعو الإمام إلى وصف حال الإنسان في البرزخ، بأنه يفتح عليه أما باب على
الجنة ثم يقال له: نم قرير العين، أو على جهنم فيقال له: نم في أسوأ حال([275]).
ورغم أن هذا المضمون يتكرر في أحاديث عديدة أخرى، إلا أن
أياً منها لايتحدث عن دخول المتوفى، الجنة، بعد الموت مباشرة، بل تشير كل الروايات
إلى أن باباً تفتح له على الجنة ليشم من عبيقها ويرى منزله فيها، ثم يقال له نم
هانئاً قرير العين([276]).
وقد نقلنا
فيما سبق، حديثاً عن الإمام الباقر، الذي يصف فيه الموت بالنوم. عندما سألوه عن
الموت، فأجاب بأنه كالنوم الذي يأتيكم كل ليلة، والفرق أنه أطول مدة، ولايصحو منه
النائم،إلا يوم القيامة([277]).
بناء على
هذا فإن البرزخ ليس أكثر من عينة([278])
ونموذج([279])
للقيامة، وقول الإمام بأن القبر يتوسع بسعة ومدى قابلية عين المتوفى على الرؤيا،
إنما هو تلميح جميل لهذا الأمر. أما المقصود بالآية:
(يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلَائِكَةَ لَا بُشْرَى...) ([280])
فهو أول يوم يرى فيه المتوفى الملائكة([281])،
والدليل على ذلك قول المتوفى:
[275]
أنظر: تفسير العياشي،
العياشي:2/ 227 ــ 228، تفسير سورة إبراهيم / ح 20.
[276]
أنظر: تفسير القمي، القمي:1/
369 ــ 371، تفسير سورة إبراهيم. الكافي، الكليني: 3/241 ــ 242، كتاب الجنائز،
باب ما ينطق به موضع القبر/ح1.
[277]
أنظر: معاني الأخبار، الشيخ
الصدوق: 289، باب معنى الموت / ح 5.
[281]
قال ابن الجوزي في تفسير قوله
تعالى: (يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلَائِكَةَ) سورة الفرقان / 22، فيه قولان: عند الموت
والثاني يوم القيامة.
زاد المسير، ابن الجوزي: 6/ 10، تفسير سورة الفرقان.
قال القرطبي في تفسير قوله تعالى: (يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلَائِكَةَ لَا بُشْرَى يَوْمَئِذٍ
لِلْمُجْرِمِينَ) سورة
الفرقان/22، يريد أن الملائكة لا يراها أحد إلا عند الموت.
تفسير القرطبي، القرطبي: 13/ 20، تفسير سورة الفرقان.
قال الطباطبائي في تفسير قوله تعالى: (يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلَائِكَةَ لَا بُشْرَى يَوْمَئِذٍ
لِلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَحْجُورًا) سورة الفرقان / 22، فذكر أنهم والحال حالهم لا يرون
الملائكة إلا مع حال الموت.
الميزان في تفسير القرآن، الطباطبائي: 1/ 85، تفسير سورة البقرة.