ومن خلال تمسك الإمام الصادق عليه السلام بالآية
السالفة الذكر، يمكن استنباط هذه الحقيقة، وهي أن الله سبحانه وتعالى جعل البرزخ
استمراراً لحياة الدنيا([270])،
فعبارة «وهذا هو قول الله تعالى بأن أصحاب الجنة» الواردة في الحديث([271])،
إنما تشير إلى قوله تعالى:
(وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا
لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا
فِي أَنْفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيرًا (21) يَوْمَ يَرَوْنَ
الْمَلَائِكَةَ لَا بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْرًا
مَحْجُورًا (22) وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ
هَبَاءً مَنْثُورًا (23) أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا
وَأَحْسَنُ مَقِيلًا) ([272]) هذه
الآيات هي من أكثر الآيات صراحة بشأن البرزخ، والمقصود بـ((مقيل([273])، النوم في فترة ما قبل الظهر. ومعروف أنه
ليس في جنة الآخرة نوم، ورغم أنه ليس في البرزخ أيضاً من أشكال نوم الدنيا، إلا أن
المقصود بالآية الكريمة([274])،
هو أن مكانة البرزخ، من القيامة، بمثابة نوم القيلولة، بالنسبة إلى اليقظة. ومن
[270] قال الطباطبائي: إن البرزخ من تتمة المكث الأرضي
محسوب من الدنيا كما يدل عليه قوله تعالى: (قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ
(112) قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلِ الْعَادِّينَ (113)
قَالَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا) سورة المؤمنون / 112 ــ 114. فالحياة البرزخية
كأنها من بقايا الحياة الدنيوية محكومة ببعض أحكامها، والناس فيها بعد في طريق
التصفية والتخلص إلى سعادتهم وشقاوتهم.
الميزان في تفسير القرآن، الطباطبائي: 8/ 106 ــ 107،
تفسير سورة الأعراف، الآيات (26 ــ 36) في السعادة والشقاء.
[271]
عن أبي جعفر عليه السلام في
تفسير قوله تعالى: (إِنَّا
بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ) سورة القلم/17، إن أهل مكة ابتلوا بالجوع كما ابتلي
أصحاب الجنة، وهي الجنة التي كانت في الدنيا وكانت في اليمن، يقال لها الرضوان.
تفسير القمي، القمي:2/ 382، تفسير سورة القلم، الذنب
يحرم عن الرزق.