والوحدة والتشكيك في الوجود، وإيجاد مسائل
جديدة كقضية إمكان الأشرف، واتحاد العاقل والمعقول، والحركة الجوهرية، والحدوث
الزماني للعالم على هذا الأصل، وقاعدة «بسيط الحقيقة كل الأشياء» ونظائرها.
كان
العلامة الطباطبائي يرى فلسفة صدر المتألهين أقرب للواقع.
وكان يقدر
خدمته لعالم العلم والفلسفة غاية التقدير، بسبب زيادة عدد المسائل الفلسفية. (فقد
رفع عددها من مائتي إلى سبعمائة مسألة).
وكان يشيد
بصدر المتألهين كثيراً، لأنه لم يندفع نحو المدرسة المشائية فقط؛ بل جمع بين
الفلسفة الفكرية الذهنية والإشراق الباطني والشهود القلبي، وطبقهما على الشرع
الأنور.
وقد أثبت
صدر المتألهين في كتبه كـ«الأسفار الأربعة» و«المبدأ والمعاد» و«العرشية» والعديد
من الرسائل الأخرى عدم وجود الاختلاف بين الشرع (الذي يحكي عن الواقع) وبين المنهج
الفكري، والشهود الوجداني؛ وأن هذه الينابيع الثلاثة تنبع من منبع واحد؛ وكل واحد
يؤيد الآخر ويعضده.
وكانت هذه
أعظم خدمة قدمها هذا الفيلسوف إلى عالم الوجدان وعالم الفلسفة وعالم الشرع.
ولم يغلق
باباً من أبواب الدخول أمام المؤهلين لنيل الكمال، وقبول الفيوضات الربانية، بل
فتح أمامهم جميع السبل المؤدية.
ومع أن
أساس وجذور هذه النظرية مشهودة في كلمات المعلم الثاني أبو نصر الفارابي، وابن
سينا، وشيخ الإشراق، والخواجة نصير الدين الطوسي وشمس الدين بن تركة، ولكن الذي
نجح في أداء هذا الأمر المهم بحيث أوصله المقصود إلى نهايته بأسلوب بديع وطريقة
رفيعة، هو هذا الفيلسوف صاحب القلب الحي والمتشرع العظيم.
كان
الأستاذ المرحوم يعتقد أن صدر المتألهين قد أخرج الفلسفة من الضياع والاندراس،
ونفخ فيها روحاً جديدة؛ ولهذا يمكن عده محي الفلسفة الإسلامية.