كما أنها محصورة بأولئك الذين حظوا في الدنيا بمنزلة
تؤهلهم للاطلاع على الخفايا والنوايا. يقول الباري جل وعلا (لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ
الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا) ([760])
والصواب، هو عكس الخطأ([761]).
كما يقول
تعالى (إِلَّا مَنْ شَهِدَ
بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) ([762]).
إذن فالشهادة في ذلك اليوم لا تقوم إلاّ للذين نزهت أعمالهم من كل خطأ وزلل.
من جانب آخر، فإننا لو أمعنا النظر في قدرة حواس الإنسان([763])
وقواه الظاهرية، لرأيناها عاجزة عن إدراك بواطن الأمور والأعمال، حتى لو تعاملت
معها بشكل مباشر، فضلاً عن الغائبين. والبعيدين عن دائرة إدراكها.
لأن
الاطلاع على خفايا الغير، وهم في غياب عن الشاهد، أمر مستحيل إذا افترضنا أن ((اطلاعه
يتم بالحواس الظاهرية المعروفة.
لكن هذا
الأمر سيكون قابلاً للإقناع، إن إدراك الشاهد لبواطن الأمور والأعمال، يتم بقوة،
هي ماوراء قدرة الحواس الظاهرية، قوة يمكنها الأطلاع على النوايا والخفايا، للغائب
والحاضر على حد سواء.