إن الشهادة على الشيء، هي إدراكه عن طريق
الحضور والرؤية، وهذه هي مرحلة استلام الشهادة والحصول عليها، أما المرحلة
الثانية، فهي تأييد وقوع ذلك الشيء وتسمى مرحلة أداء الشهادة([755]). وواضح أن الشهادة على الأعمال، في يوم
القيامة.
لا يقتصر
على ظواهر الأمور والحوادث والأعمال، بل هي شهادة على بواطنها وخفاياها، من حيث
الطاعة والمعصية، أو السعادة والشقاء، ذلك أن الحكم يستند إلى تأييد الشهداء،
والذي يقضي هو أحكم
الحاكمين([756]).
من هنا فإن
الشهادة تأتي على حقائق الأمور وبواطنها([757]).
إن الإدراك
الكامل لحقائق الأمور، أمر لا يبلغه، إلا الذين يطلعون على جذور الأمور ومنشأها،
وكذلك يطلعون على النيات والخفايا والدوافع. ومن هنا، فإن الشهادة في يوم القيامة
تمثل تكريماً وتجليلاً لمقام الشاهد([758]).
[755]
الشهادة: هي إخبار المرء بما رأى، أو إقراره بما علم عن يقين.
يطلق لفظ الشهادة على فعل الشاهد، فتقول: شهد على كذا شهادة، أي: أخبر به
خبرا قاطعا.
المعجم الفلسفي، صليبا: 1 /709، باب الشين، مادة «الشهادة».
[757]
قال الطباطبائي في تفسير قوله
تعالى: (وَلَا يَمْلِكُ
الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ
وَهُمْ يَعْلَمُونَ) سورة الزخرف /86، الشهادة: هي تحمل حقائق
أعمال الناس في الدنيا من سعادة أو شقاء، ورد وقبول، وانقياد وتمرد، وأداء ذلك في
الآخرة يوم يستشهد الله من كل شيء، حتى من أعضاء الإنسان.
الميزان في تفسير القرآن،
الطباطبائي: 1/321، تفسير سورة البقرة.
[758] قال الطباطبائي في تفسير قوله تعالى: (وَلَا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إِلَّا
مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) سورة الزخرف /
86، أن هذه الكرامة ليست تنالها جميع الأمة، إذ ليست إلا كرامة خاصة للأولياء
الطاهرين منهم.
الميزان في تفسير القرآن،
الطباطبائي: 1 / 321، تفسير سورة البقرة.