و((الشقاء
الذاتيين، والذي سيأتي الحديث عنه فيما بعد.
إن أهل الشقاء، يتلقون كتابهم بشمالهم، ومن خلف ظهورهم، لأن
أئمتهم أمامهم، لكن وجوههم منقلبة إلى الوراء([721]).
والله تعالى يقول حول فرعون: (يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ
النَّارَ) ([722]) كما
يقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
أُوتُوا الْكِتَابَ آَمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ مِنْ
قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا)([723])
وكذلك يقول: (قِيلَ ارْجِعُوا
وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا)([724]).
وقد ذكرنا فيما مضى أن النور هو الإمام الحق([725]).
إن الإنسان، بوجوده المادي الدنيوي، وبشكله الذي خلقه
الله تعالى، يكون وجهه إلى الإمام، وله ظهر وطرف أيمن وأيسر. وعندما يختار الإنسان
طريق الشقاء والضلال، ويتبع هواه ورغباته، فهو في الواقع، يشيح([726])
بوجهه عن الحق، وعندما يقف بين يدي ربه، يوم القيامة ويبدأ الحساب، يحشر هذا
الإنسان، ووجهه إلى الوراء، وكالأعمى، فلا يرى شيئاً، وهو مذهولاً لا يدري إلى أين
يسير، وماذا
[721]
قال المشهدي: في تفسير قوله
تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ... نَطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا) سورة النساء / 47، قيل: ننكسها إلى ورائها
في الدنيا أو في الآخرة.
تفسير كنز الدقائق، المشهدي: 2/ 470، تفسير سورة النساء.
قال الطباطبائي في تفسير قوله تعالى: (وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ) سورة
الانشقاق / 10، ولعلهم إنما يؤتون كتبهم من وراء ظهورهم لرد وجوههم على أدبارهم
كما قال تعالى: (مِنْ قَبْلِ
أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا)
سورة النساء / 47.
الميزان في تفسير القرآن، الطباطبائي: 20/ 243، تفسير سورة الانشقاق.