قال: بيمينه وبشماله. والباء هنا سببية تفيد الواسطة، ولعل
الآية الشريفة التالية خير دليل على ما نقول (فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ (7)
فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا (8) وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا
(9) وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ (10) فَسَوْفَ يَدْعُو
ثُبُورًا)([699])، إذ ورد فيها ((وراء ظهره بدل ((بشماله وهذا دليل على أن المقصود هو ليس اليد اليسرى، إذ لا يمكن أن يعني
تعبير ((وراء ظهره
ذلك.
والدليل الآخر، هو الآية الشريفة:
(يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ
فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولَئِكَ يَقْرَءُونَ كِتَابَهُمْ وَلَا
يُظْلَمُونَ فَتِيلًا (71) وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي
الْآَخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلًا)([700])، إذ نلاحظ أن القول الإلهي جاء ((بإمامهم
وليس ((لإمامهم بينما تستخدم آيات أخرى ((اللام
بدل ((الباءعندما لا يراد
معنى الواسطة، فمثلاً (كُلُّ
أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا)([701]) ولم
يقل الله تعالى: ((بكتابها. وخلاصة الأمر أن ((الدعوة
بالإمام هي غير ((الدعوة إلى الكتاب([702]).
وبعد أن
يدعو الله تعالى (كُلَّ أُنَاسٍ
بِإِمَامِهِمْ) ([703])، يأتي على تفاصيل ذلك فيقول تعالى أن مجموعة
من هؤلاء يؤتون كتابهم بيمينهم، إذن،
[702]
قال الطوسي: اختلفوا في الإمام الذي يدعون به يوم القيامة، فقال مجاهد وقتادة:
إمامه: نبيه. وقال ابن عباس: إمامه كتاب علمه. وروي ايضاً أن إمامهم: كتابهم الذي
انزل الله إليهم فيه الحلال والحرام والفرائض والأحكام.
التبيان، الطوسي: 6 / 504، تفسير سورة الإسراء.
وقال أيضا: في تفسير قول الله عز وجل: (كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى
كِتَابِهَا) سورة الجاثية/28، معناه إلى كتابها الذي كان يستنسخ لها
ويثبت فيه أعمالها.
التبيان، الطوسي: 9/ 261 ــ 262، تفسير سورة الجاثية.