فهذه الآية
تنفي عن غير المؤمنين، التكريم الذي يخص المؤمنين والواقع أن هذه الآية، تصديق
للقانون الإلهي (لَا تُجْزَوْنَ
إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)
([514])، وبما
أن غير المؤمنين، وضعوا في حياتهم حجاباً بينهم وبين خالقهم، ولا بد أن يجدد
مصداق ذلك يوم القيامة([515])،
وهذا ما يتضح من الآية (يَوْمَ
يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ (42)
خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى
السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ) ([516]).
«القيامة»
محيطة بالدنيا والبرزخ
إن انتفاء
الأسباب وزوال الحجب([517])،
وانكشاف البواطن المحيطة بالظواهر، كلها تدل على أن القيامة محيطة بالدنيا([518])،
ومحيطة بما فيها
[515]
قال الطباطبائي في تفسير قوله تعالى: (كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ) سورة المطففين/15، المراد بكونهم محجوبين
عن ربهم يوم القيامة حرمانهم من كرامة القرب والمنزلة، ومن قال: إن المراد كونهم
محجوبين عن رحمة ربهم.
[517]
الحجب: كل شيء منع شيئا من شيء فقد حجبه حجبا.
كتاب العين، الفراهيدي: 3 / 86، مادة «حجب».
قال حسين الشاكري: الحجب: هي التي تمنع النفس من التحلي ثم التجلي إلى
عالم الملكوت ومصاف الأولياء والصالحين.
الكشكول المبوب، حسين الشاكري: 215.
الحجاب: المنع من الوصول، يقال حجبه حجبا وحجابا، وحجاب الجوف ما يحجب عن
الفؤاد، وقوله تعالى: (وَبَيْنَهُمَا
حِجَابٌ) سورة الأعراف/ 46، ليس
يعنى به ما يحجب البصر، وإنما يعني ما يمنع من وصول لذة أهل الجنة إلى أهل النار
وأذية أهل النار إلى أهل الجنة.
مفردات غريب القرآن، الراغب الاصفهاني: 108، كتاب الحاء.
[518]
في سؤال سأل جاثلق أمير المؤمنين عليه السلام قال: أين الآخرة من الدنيا قال
عليه السلام : الدنيا في الآخرة والآخرة محيطة بالدنيا إذ كانت النقلة من الحياة
إلى الموت ظاهرة وكانت الآخرة هي دار الحيوان لو كانوا يعلمون وذلك أن الدنيا نقلة
والآخرة حياة ومقام.
إرشاد القلوب، الديلمي: 2/309، فضائله من طريق أهل البيت عليهم السلام .