وهكذا فإن
الله تعالى يؤكد لنا، أن الشيطان لا يجد طريقاً إلى هؤلاء العباد، فلا يتمكن من إغوائهم.
وهذا الإغواء، جاء بشكل ((وعد من الشيطان([418]): (وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ
الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ
فَأَخْلَفْتُكُمْ) إلى أن يقول:
(تَلُومُونِي وَلُومُوا
أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي
كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ
أَلِيمٌ)([419]).
وهنا نلاحظ أن الشيطان يرجع لوم أتباعه عليهم، لأن
ذنوبهم تعود إلى شركهم بالله، فظلموا أنفسهم وإن الله أعدَّ للظالمين عذاباً
أليماً([420])([421]).
[416]
أبلس من رحمة الله، أي: يئس وندم. ومنه سمي إبليس، وكان إسمه عزازيل.
لسان العرب، ابن منظور: 6/ 29، مادة «بلس».
عن ابن عباس وقتادة وابن جرير والزجاج وابن الانباري: كان إبليس من
الملائكة من طائفة يقال لهم الجن، وكان اسمه بالعبرانية عزازيل.
وبالعربية الحارث، وكان رئيس ملائكة الدنيا وسلطانها
وسلطان الأرض، وكان من أشد الملائكة اجتهادا وأكثرها علما، وكان يوسوس بين السماء
والأرض، فيرى بذلك لنفسه شرفا عظيما وعظما، فذلك الذي دعاه إلى الكبر فعصى وكفر،
فمسخه الله شيطانا رجيما ملعونا.
[418] قال الطوسي: ثم استثنى من جملة من
يغويهم «عباد الله المخلصين»، مع حرصه على إغواء الجميع من حيث أنه يئس منهم من
حيث علم انهم لا يقبلون منه ولا ينقادون لإغوائه، وانه ليس له عليهم سلطان إلا
بالإغواء، فإذا علم أن منهم من لا يقبل منه عرف ذلك عنه ليأسه منه.
التبيان في تفسير القرآن، الطوسي: 8 / 584 ــ 585، تفسير سورة ص.
[420]
إشارة إلى قوله تعالى في سورة الإنسان / الآية 31: (يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ
وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا).
[421]
قال الطوسي: حكاية عن قول
الشيطان لأوليائه انه يقول لهم: (إِنِّي
كَفَرْتُ)سورة إبراهيم/ 22، بشرككم بالله ومتابعتكم لي قبل هذا
اليوم.
التبيان في تفسير القرآن، الطوسي: 6/ 290، تفسير سورة إبراهيم.
قال الطبرسي في تفسير قوله تعالى: (إِنِّي
كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ) سورة إبراهيم/22، أي: كفرت الآن بما كان من إشراككم
إياي مع الله في الطاعة، أي: جحدت أن أكون شريكا لله تعالى فيما أشركتموني فيه من
قبل هذا اليوم.
مجمع البيان، الطبرسي:6/ 72، تفسير سورة إبراهيم.
قال الطباطبائي في تفسير قوله تعالى: (فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ) سورة إبراهيم/22، أي: إذا لم يكن لي عليكم
سلطان بوجه من الوجوه كما يدل عليه وقوع النكرة في سياق النفي، والتأكيد بمن في
قوله: (وَمَا كَانَ لِي
عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ) سورة إبراهيم/ 22، فلا يعود إلى شيء من
اللوم العائد إليكم من جهة الشرك والمعصية فلا يحق لكم أن تلوموني بل الواجب عليكم
أن تلوموا أنفسكم لان لكم السلطان على عملكم.
الميزان في تفسير القرآن، الطباطبائي: 12/ 48، تفسير سورة إبراهيم.