وقد تأدب
الإمام الحسين عليه السلام بآداب النبوة، وحمل روح جده الرسول (صلى الله عليه
وآله) يوم عفى عمن حاربه ووقف ضد الرسالة الإسلامية، فكان الحِلم من أسمى صفات أبي
الشهداء عليه السلام ومن أبرز خصائصه، إذ كان لا يقابل مسيئاً بإساءته، ولا مذنباً
بذنبه، وإنما كان يغدق عليهم ببره ومعروفه شأنه في ذلك شأن جده الرسول (صلى الله
عليه وآله) الذي وسع الناس جميعاً بأخلاقه وفضائله. فها هو يوصي أبن عباس في
محاورته له فيقول الإمام عليه السلام:
(يا أبن عباس، لا تتكلمن بما لا يعنيك، فإنني أخاف عليك الوزر، ولا تتكلمن
بما يعنيك حتى ترى له موضعاً، فرب متكلم قد تكلم بحق فعيب، ولا تمارين حليماً ولا سفيهاً،
فأن الحليم يغلبك، والسفيه يرديك)([388]).
ولم تغب
عنه صفة الحِلم وهو في ساحة المعركة والعدو يحيط به من كل جانب، إذ طلب منه أحد
أصحابه وهو في الطف أن يهاجمهم فأجابه الإمام الحسين عليه السلام بلسان الحليم: