ثبت فيما تقدم أن جوناً كان ممن نال شرف خدمة بيوت أهل البيت عليهم السلام لم ينلْه أحد غيره، وهذا من نعم وتوفيقات الباري سبحانه وتعالى عليه، ولذلك استخلصه سيدنا ومولانا الإمام الحسين عليه السلام من بين كل العبيد والموالي وممن يرغب بالخدمة - وهم كثير - لخاصته، فليس من الغريب أن يتواجد جون المخلص في خيام الإمام الحسين عليه السلام وأولاده، لأنه نال هذه الخصوصية التي لم ينلْها غيره من العبيد.

نعم، ينقل لنا شاهد عيان، عاش في أرض كربلاء، وكان موجوداً في كل دقائقها وأحداثها ومآسيها، وهو الإمام علي بن الحسين السجاد عليه السلام يقول في عشية اليوم التاسع من المحرم:

إني لجالس في تلك الليلة التي قتل أبي في صبيحتها، وعندي عمتي زينب تمرضني، إذ اعتزل أبي في خباء له وعنده جون مولى أبي ذر الغفاري، وهو يعالج سيفه ويصلحه، وأبي يقول:

فأعادها مرتين أو ثلاثا حتى فهمتها وعلمت ما أراد فخنقتني العبرة فرددتها ولزمت السكوت وعلمت أن البلاء قد