وجاء حبيب ومعه أصحابه إلى خيم
النساء، وأخذ ينادي السلام عليكم يا ساداتنا، السلام عليكم يا معشر حرائر رسول
الله، هذه صوارم فتيانكم، آلوا أن لا يغمدوها إلا في رقاب من يريد السوء بكم، وهذه
أسنة غلمانكم أقسموا أن لا يركزوها إلا في صدور من يفرق ناديكم، فخرجن النساء
إليهم ببكاء وعويل ــ تقدمهن العقيلة زينب ــ وقلن لهم:
«أيها الطيبون حاموا عن بنات رسول
الله وحرائر أمير المؤمنين».
لا حاجة إلى
التعليق على هذه الصورة الرائعة التي تظهر من خلالها السيدة الصغرى زينب عليها
السلام بحق لبوة حيدر وفخر النساء بما لها من شعور مرهف وعاطفة رقيقة مؤطرتين بفهم
عميق وعقل حكيم يجعلها أفضل النساء بعد أمها السيدة الزهراء عليها السلام في
الاهتمام بأمور الأمة والدفاع عن الإمامة والإمام بما أوتيت من قوة.
ثامناً: ابتسامة السيدة زينب عليها السلام
في هذه الليلة الرهيبة التي ملأت القلوب حزنا
وهمّاً تنتقل السيدة المهمومة من خيمة إلى أخرى دون أن يغمض لها جفن ودون أن يهدأ
لها قلب أو تستقر لها نفس إلا أنها مع هذه المعاناة الكبيرة ابتسمت السيدة الصغرى عليها
السلام وهذا ما حدثتنا عنه قائلة:
«لما كانت ليلة عاشوراء من المحرم خرجت من خيمتي لأتفقد أخي
الحسين عليه السلام وأنصاره وقد أفرد له خيمة فوجدته جالساً وحده يناجي ربه ويتلو
القرآن، فقلت في نفسي: أفي مثل هذه الليلة يُترك أخي وحده! والله لأمضين إلى إخوتي
وبني عمومتي وأعاتبهم بذلك. فأتيت إلى خيمة العباس فسمعت منها