لقد جمع الجواهري بين جمال الصورة
الفنيَّة، وعمق الفكرة الفلسفيَّة في هذه المقدمة، ولاسيما في قوله: (وحزناً عليك
بحبس النفوس) التي اختزلت كل معاني التأثر، إذ جاء معبراً عن أسمى درجات الحزن،
وأعمق دلالات العزاء الروحي، ومن هنا كانت هذه القصيدة نقطة مضيئة في شعر
الرثاء الديني الذي كان سائداً في مطلع القرن العشرين، وقد كان الجواهري بحق
رائداً من روّاد هذا اللون من الرثاء في الشعر العراقي الحديث ([395]).
مراثٍ من دون مقدمات
مثُّلت هذه المراثي بنسب مهمة في دواوين الشعراء العراقيين في النصف الأول
من القرن العشرين، ففي ديوان الشيخ يعقوب الحاج جعفر الحلي وردت ثماني مراثٍ من
دون مقدمات من أصل عشرين مرثيَّة تضمنها الديوان([396])،
ولم يبتدئ الشيخ محمد