ويوجد أيضاً فريق لا يبالي بأيٍّ من هذه الأُمور، بل نراه يضع كُل شيء تحت
قدميه حفاظاً على مصالحه الشخصية، فلابُدّ من مقاومة هؤلاء بقوة السلاح، وما جملة:
... وَأَنْزَلْنَا
الْحَديدَ فيهِ بَأْسٌ شَديدٌ... في الآية إلاّ إشارة إلى هذا الفريق
الّذي لا يعرف سوى لغة السيف.
وقد اعتقد البعض أنّ التعبير بـ: ... وَأَنْزَلْنَا... في الآية، يعني مجيء
الحديد (الصخور الحديديّة) إلى كرتنا الأرضية من الكواكب الأُخرى، وهو نظر فيه
تأمّل؛ لأنّ التعبير بأنزلنا أتى في غير الحديد أيضاً، فمثلاً جاء في أنواع
الحيوانات كقوله تعالى: ... وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الاَْنْعَامِ ثَمَانِيَةَ
أَزْوَاج...([635])، وقوله تعالى: يَا بَنِى آدَمَ قَدْ
أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِى سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ
التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ([636]) في الألبسة التي تغطّي
بدن الإنسان، والحيوانات واللباس لم يأتيا من كوكب آخر، بل وجدت منذ أوّل وجودها،
لأنّها من مقتضيات الحياة على وجه الكرة الأرضيّة.
فهذه الآية تبيّن أنّ المراد منه هو الخلقة والإبداع الإلهي في نفس الأرض،
ونزول هذه الموهبة الإلهيّة من مقام الربوبيّة الشامخ إلى مقام الإنسان الداني،
يعبر عنها بأنزلنا وبعثنا.
نام کتاب : أصول وقواعد التفسير الموضوعي للقرآن نویسنده : للمازن شاكر التميمي جلد : 1 صفحه : 388