ومنشأ هذه القاعدة: (أُسلوب القرآن الكريم في عرض الموضوعات)، حيث لم يجمع القرآن الكريم تفاصيل كُل موضوع من موضوعاته في باب أو فصل معيّن مشتمل على ألفاظ ذلك الموضوع فقط كما هو الحال في بعض الكتب البشريّة المؤلَّفة الدينيّة وغيرها([545])، بل إنّ الآيات المُتعلِّقة بالموضوع الواحد تقاسمتها العشرات من السور القرآنيّة سواء اشتملت على لفظ الموضوع أم لم تشتمل عليه، لذا أصبح ضرورياً للمفسِّر الموضوعي أن يُلقي نظرة شاملة على جميع آيات القرآن الكريم للإحاطة بجميع الآيات المتعلّقة بالموضوع للخروج برؤية قرآنية تامّة حوله([546]).

وقد اتخذ القرآن الكريم هذا الأُسلوب في عرض الموضوعات لاقتضاء الحكمة من نزوله، وذكر أهل الاختصاص في كتبهم: إنّ الهدف من ذلك هو: التثقيف والتعليم والتربية والتغيير الاجتماعي([547]).

فالله تبارك وتعالى لم يُنزل المفاهيم والمعارف القرآنيّة جملة واحدة، بل أنزلها نجوماً بحسب مقتضياتها التربويّة على مدى ثلاث وعشرين سنة، وقد عُدّ ذلك رحمة ورفقاً من الله تعالى بعباده،