ينالوها ويتداولوها فيما بينهم،
فبينا هم كذلك إذ نادى منادٍ لا يُدرى من هو، وأظنه جنياً فأسمع أهلَ المدينةِ
ليلةَ بايعوا عثمان، فقال:
يا ناعيَ الاسلامِ قمْ فانعَهُ
قد مات [عُرْفٌ] وبدا منكرُ
ما لقريش لا علا كعبُها
من قدّموا اليوم ومن أخرّوا
إنَّ علياً هو أولى به
منه فولوه ولا تنكروا
فكان لهم في ذلك عبرة ولولا أنَّ العامة قد علمتْ بذلك لم أذكره، فدَعَوني
إلى بيعةِ عثمانَ فبايعتُ مستكرَهاً، وصبرتْ محتسباً، وعلّمتُ أهلَ القنوتِ أن
يقولوا (اللهُمَّ لك أخلصتُ القلوبُ، وإليك شخصتِ الابصارُ، وأنت دُعيت بالألسُنِ،
وإليك تُحُوكِمَ في الأعمالِ، فافتحْ بيننا وبينَ قومِنا بالحقِّ، اللهم إنا نشكوا
إليك غيبةَ نبيِنا، وكثرةَ عدوّنا، وقلةَ عددنا، وهواننا على الناس، وشدة الزمان، ووقوع
الفتن بنا، اللهم ففرج ذلك بعدلٍ تُظهرهُ، وسُلطانِ حقٍّ تعرّفه)، فقال عبد الرحمن
بن عوف([903]): يا بن أبي طالب إنّك على هذا
الامرِ لحريصٌ، فقلتُ: لستُ عليهِ حريصاً إنما أطلبُ ميراثَ رسولِ الله صلى الله
عليه وآله وحقَّه، وإنَّ ولاءَ أمتِهِ لي من بعده، وأنتم أحرصُ عليه مني، إذ
تحولون بيني وبينه وتصرفون وجهي دونه بالسيفِ،
[903] هو عبد الرحمن بن عوف، من بني
زهرة، تزوج ام كلثوم بن عقبة بن أبي معيط - أخت عثمان لأمه -، فهو بذلك صهر عثمان،
كان مقرباً من عمر بن الخطاب، وهو الذي دبر الخلافة لعثمان في مؤامرة الشورى، ثم
انقلب على عثمان لما لم يفِ له بكل ما يريد، أثرى ثراءً فاحشاً بسبب قربه من
السلطة الحاكمة، حتى قيل إن ذهبه كُسر بالفؤوس بعد موته، هلك سنة 31 ھ - الطبقات الكبرى 3/133-136.