رأيتُ
الناس قد انثالوا على أبي بكر للبيعة أمسكتُ يدي وظننت أني أولى وأحق بمقامِ رسول
الله صلى الله عليه منه ومن غيره، وقد كان نبي الله أمّرَ أسامة بن زيد على جيش
وجعلهما في جيشه وما زال النبي (صلى الله عليه وآله) إلى أن فاضت نفسه يقول:
أنفذوا جيش أسامة، أنفذوا جيش أسامة فمضى جيشُه إلى الشام حتى انتهوا
إلى (أذرِعات)([888]) فلقي جيشاً من الرومِ فهزموهم
وغنمهم اللهً أموالهم، فلما رأيت راجعةً من الناس قد رَجَعَت من الاسلام تدعوا إلى
محو دينِ محمدٍ وملةِ إبراهيم (عليه السلام) خشيتُ إن أنا لم أنصُر الاسلامَ وأهلَه
أرى فيه ثلماً وهدماً تكون المصيبة عليَّ فيه أعظمَ من فوت ولايةِ أمورِكم التي
إنما هي متاعُ أيامٍ قلائلَ ثم تزولُ وتتقشّعُ كما يزولُ ويتقشّعُ السحابُ فنهضتُ
مع القومِ في تلك الاحداثِ حتى زَهقَ الباطلُ وكانت كلمةُ الله هي العليا وإن زعم
الكافرون، ولقد كان سعدٌ([889]) لما رأى الناسَ يبايعون أبا
بكر نادى: أيها الناس، إنّي والله ما أردتُها حتى رأيتُكم تصرفونها عن علي (عليه
السلام) ولا أبايعكُم حتى يبايعَ عليٌّ، وَلَعَلّي لا أفعلُ وإن بايعَ، ثم رَكِبَ
دابتَه وأتى (حَوران)([890]) وأقام في خانٍ
[888] أذرِعات: بالفتح، ثم السكون،
وكسر الراء، وعين مهملة، وألف وتاء. كأنه جمع أذرِعة، جمع ذراع جمع قلة: وهو بلد
في أطراف الشام - معجم البلدان 1/130.
[890] حوران: كورة واسعة من أعمال
دمشق من جهة القبلة، ذات قرى كثيرة ومزارع وحرار، وما زالت منازل العرب، وذكرها في
أشعارهم كثير، وقصبتها بصرى - معجم البلدان 2/317.