بادرْ الفرصةَ قبلَ أن تكونَ غصةً، ومن الحزمِ العزمُ، ومن
سببِ الحرمانِ التواني، ليس كلُّ طالبٍ يصيبُ ولا كلُّ راكبٍ غائبٍ يؤوب، ومن
الفسادِ إضاعةُ الزادِ، لكل أمرٍ عاقبةٌ، ربَّ مصيرٍ بما تصيرُ([823])، ولا خير
في مُعين مهين([824])، ولا
يلينُ من أمرٌ على عذرٍ([825])، من حلُم
سادَ، ومن تفهّم ازداد، ولقاءُ أهلِ الخيرِ عمارةُ القلبِ، ساهلِ الدهرَ ما ذلَّ
لك قعودُهُ، وإياكَ أنْ تطيحَ بكَ مطيةُ اللّجاجِ، وإنْ فارقتَ سيئةً فعجِّلْ محوَها
بالتوبةِ، ولا تخُنْ من ائتمنَكَ وإنْ خانَك ولا تذع سرّه وإنْ أذاعَ سرَّك، ولا
تخاطِرْ بشئ رجاءَ أكثرَ منه، واطلب فإنه يأتيك ما قُسِم لك، والتاجر مخاطر، خُذ
بالفضل وأحسن البدل([826])، وقلْ
للناسِ حُسناً، وأحسنُ كلمةٍ حكمٍ جامعةٍ إنْ تحبَّ للناس ما تُحِبُّ لنفسِك وتكرهُ
لهم ما تكرهُ لها، إنّك قلْ ما تسلم ممن تسرّعتَ إليه أو تندم إن أفضلت عليه، واعلم
أنَّ من الكرمِ الوفاءَ بالذممِ، و[الصدودُ] آيةُ المَقتِ([827])، وكثرةُ
التعللِ آيةُ البُخلِ، ولَبعضُ إمساكِك على
[824] يقول محمد عبده في شرح هذه
الفقرة: (مهين إما بفتح الميم بمعنى حقير فإن الحقير لا يصلح لأن يكون معينا، أو
بضمها بمعنى فاعل الإهانة فيعينك ويهينك فيفسد ما يصلح) - نهج البلاغة ج3 شرح ص53.
[825] في تحف العقول: (لا تبيتن من
أمر على غرر)، الغَرَر منه - بالتحريك - الخطر. وفى النهج ولا تبين من أمر
على غدر .
[827] الذِّمَم - بكسر الدال
المعجمة وفتح الميم -: جمع الذمة، وهي العهد والعقد، والصدود الاعراض عن الشئ ونفور
النفس منه، وفي المطبوع (الصدق) وما أثبتناه من البحار وهو الصحيح، والمقت شدة
البغض.