سرْح عامهة([812]) في واد وعث([813])، ليس لها داعٍ يُقيمها، لعبتْ
بهم الدنيا فلعبوا بها، ونسُوا ما وراءها رويداً حتى يسفِر الظلامُ كأنْ - وربِّ
الكعبةِ - يوشَك من أسرعَ أن يلحَقَ.
واعلم: يا بُنيّ أن كلَّ من كانت مطيتُه الليلَ والنهارَ فإنّه يُسارُ بهِ
وإنْ كان لا يسير([814])، [أبى]([815]) اللهُ إلا خرابَ الدنيا
وعمارةَ الآخرة.
يا بُنيّ [فإن تزهَدْ فيما زهّدكَ اللهُ فيه من
الدنيا وتعزُفْ نفسُك عنها، فهي أهلُ ذلك]([816])، وإنْ
كنتَ غيرَ قابلٍ نصيحتي إياك فيها فاعلم يقيناً أنك
[812] السَّرْح: الناقة السريعة،
وفي النهج وتحف العقول: (سروح)، وهي جمع سَرح وهو المال يسام في المرعى من الأنعام
- لسان العرب 2/478، وعامهة صفة مؤنثة، مذكرها عامه، والعامه هو المتحير في طريقه
أو المتردد في أمره، وهو كناية عن التيه والحيرة. والجمع عُمّهٌ، وفعله عمه - من
باب منع وعلم - (عمهاً وعموهاً وعموهيةً وعمهانا في طريقه) أي: تحير.
[813] الوعث هو الطريق الرملي او
الهش الذي لا يثبت به قدم او حافر، والوعثاء ما غابت فيه الحوافر والأخفاف من
الرمل الرقيق والدهاس من الحصى الصغار وشبهه - لسان العرب 2/202.
[814] في نهج البلاغة: (واعلم أن من
كانت مطيته الليل والنهار فإنه يسار به وإن كان واقفاً، ويقطع المسافة وإن كان
مقيماً وادعاً).
[815] في المصدر (إلى) وما أثبتناه
من تحف العقول، وكذا في البحار نقلاً عن كتاب المحجة لابن طاووس.
[816] أثبتناه من نسخة البحار نقلاً
عن ابن طاووس، وهو الأوفق، وفي نسخة المطبوع من المحجة: (فإنْ تزهَدُ فيها زهدتك
فيه وتعزب نفسك منها فهي أهل ذاك) وفيه اضطراب لا يخفى.