فيبكى!.. وربما يسمع كلاما مخوفا
فلا يزال يصفر بين يديه ويقول: يا سلام سلم!.. ونعوذ بالله!.. والحمد لله.. وحسبى
الله ولا حول ولا قوة إلا بالله!.. ويظن أنه قد أتى بالخير كله.. وهو مغرور..
ومثاله
مثال المريض.. الذى يحضر إلى مجالس الأطباء.. ويسمع ما يصفونه من الأدوية ولا
يعقلها.. ولا يشتغل بها ويظن أنه يجد الراحة بذلك. والجائع الذى يحضر عنده من يصف
له الأطعمة اللذيذة..
فكل
وعظ لا يغير منك صفة تغير بدونها أفعالك.. حتى تقبل على الله وتعرض عن الدنيا..
وتقبل إقبالاً قويا.. وإن لم تفعل فذلك الوعظ زيادة حجة عليك.. فإذا رأيته وسيلة
لك كنت مغرورا.
***
بقيت
مدة في قسم الغرور.. أتعلم من الجيلاني تلبيسات إبليس، وحبال غروره إلى أن أيقنت
بأن لإبليس في كل محل وساوس ينبغي أن أحتاط لها.. فهو – بما أوتيه من خبرة بنفوس البشر- لا يفرق في وساوسه
بين الخير والشر، ولا بين الصالحين والمنحرفين.. لا ييأس من أي منهم.. بل يستعمل
مع كل صنف ما يتناسب معه.
وبعدما
امتحنني الجيلاني ببعض الامتحانات، ورأى أني قد نجحت فيها أجازني في هذا القسم،
وأمرني أن أسير إلى القسم الرابع..