وربما غرهم بمن صلح من آبائهم.. وذلك نهاية
الغرور، فإن آباءهم مع صلاحهم وورعهم كانوا خائفين.. ونظم قياسهم الذى سول لهم
الشيطان: (من أحب إنساناً أحب أولاده.. فإن الله قد أحب أباكم فهو يحبكم فلا
تحتاجون إلى الطاعات)، فاتكلوا على ذلك واغتروا بالله، ولم يعلموا أن نوحا أراد أن يحمل ولده فى السفينة فمنع، وأغرقه إليه سبحانه وتعالى
بأشد ما أغرق به قوم نوح..
ونسوا
أن من ظن أنه ينجو بتقوى آبائه كمن ظن أنه يشبع بأكلهم أو يروى بشرابهم..
ونسوا
ما ورد في النصوص المقدسة من أن التقوى فرض عين لا يجزى فيها والد عن ولده، كما
قال تعالى :﴿ يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (34) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ
(35) وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ (36) لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ
يُغْنِيهِ (37)﴾ (عبس)
وقال
(ص): (الكيِّسُ من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والأحمق من أتبع نفسه
وهواها وتمنى على الله الأماني)([53])
ومن
هؤلاء من يغترون بتصورهم أن كفة حسناتهم ترجح على كفة السيئات، فترى الواحد منهم يتصدق
بدراهم معدودة من الحلال والحرام، ويكون ما تناوله من أموال الناس والشبهات أضعافا..
وهو كمن وضع فى كفة الميزان عشرة دراهم، ووضع فى الكفة الأخرى