يقول لهم : (انصحوا في عملكم بالنهار حتى تأكلوا حلالاً ولا تصلّوا
بالليل، وإنّ لكم ثواب الصلاة في جماعة وأجر المصلّين بالليل)
ابتسم
الأول، وقال: بورك فيك.. فقد أزحت عن قلبي غشاوة كدرت علي حياتي.
***
بقيت
في طبقة المتقين مدة من الزمان إلى أن ملأ الله صدري ورعا، وشعرت أنه لا سعادة ولا
لذة ولا راحة إلا في تقوى الله.. وقد صحت حينها بما قالها الشاعر الصالح:
بعد
أن رأيت ما رأيت في جنان المتقين حنت نفسي لأرى الطبقة التالية من الجبل.. فطلبت
من محمد أن نسير إليها.. فسار بي، وطلب مني أن أتأدب بين أيديهم.. وأخبرني أن
طبقتهم هي طبقة الزهاد ([641]) .
وقد
كان في استقبالنا شاب هو كمحمد خلقا وخلقا، وقد سألته عن الزهد، فقال: لقد ذكر بعض
الصالحين الزهد، فقال: (ليس الزّهد في الدّنيا بتحريم الحلال وإضاعة المال، ولكن
أن تكون بما في يد اللّه أوثق منك بما في يدك، وأن تكون في ثواب المصيبة إذا أصبت
بها، أرغب منك فيها لو لم تصبك)
[641]
تحدثنا في الفصل السابق عن الزهد وحقيقته وفضله، وسنكتفي هنا
بذكر بعض ما ورد في التراث الإسلامي حوله.