قال: عجيب ما أرى.. كيف تترك الجبل.. وتهيم
على نفسك في هذه البراري التي لا تورثك إلا الغفلة.
قلت:
لم أفهم ما تقصد.
قال:
عمر الإنسان أضيق من أن يمضيه في السير الأفقي..
قلت:
لم أفهم.. ما الذي ترمي إليه..
قال:
لقد خلقنا الله لنسير السير العمودي، لا السير الأفقي.
قلت:
وضح يا فتي.. فأنا لا علاقة لي بالهندسة..
قال:
سأبدأ لك من الأول.. أجبني.. ما الذي قال الله لآدم وزوجه عندما أخرجهما من الجنة؟
قلت:
لقد قال الله لهما ـ كما نص القرآن الكريم ـ :﴿ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعاً
بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنِ
اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى ﴾ (طـه:123)
قال:
فعندما هبط آدم.. ما الذي كان يشغل باله؟
قلت:
لقد تعب آدم بعد هبوطه.. فبدل أن يأتيه الطعام جاهزا صار يبحث عنه بعناء.. وبعد أن
كان يعيش في أجواء الجنة الصحية صار يعيش في أجواء الأرض التي تزرع فيه جميع
الآلام.. لكن ذرية آدم تغلبوا بعد ذلك على كل تلك الصعاب بما أنتجوه من حضارة.
قال:
همة دنية هي تلك التي تتحدث عنها.. وآدم أرفع شأنا من أن يفكر مثل هذا التفكير.