ولاشك
أنك تحفظ قوله (ص): (ربّ أشعث([15]) مدفوع
بالأبواب لو أقسم على اللّه لأبرّه)([16])، وقوله: (تعس عبد الدّينار وعبد الدّرهم وعبد الخميصة إن أعطي رضي وإن
لم يعط سخط، تعس وانتكس وإذا شيك فلا انتقش، طوبى لعبد آخذ بعنان فرسه في سبيل
اللّه، أشعث رأسه مغبرّة قدماه، إن كان في الحراسة كان في الحراسة، وإن كان في
السّاقة كان في السّاقة، إن استأذن لم يؤذن له وإن شفع لم يشفّع)([17])
قلت:
أتضرب النصوص المقدسة بعضها ببعض؟
قال:
حاش لله.. ولكن أولياء الله الذين جعلهم الله أدلاء عليه قد اتفقوا على أن على
المريد في أول سلوكه أن يتلخص من كل ما يشعره بأنانيته وقوته وغناه وعلمه.. فلا
يمكن أن يصل إلى الله إلا من تحقق بقصوره..
وقد روي
في هذا أن شاهداً
عظيم القدر من أعيان أهل بسطام كان لا يفارق مجلس أبي يزيد، فقال له يوماً: أنا
منذ ثلاثين سنة أصوم الدهر لا أفطر وأقوم الليل لا أنام ولا أجد في قلبي من هذا
العلم الذي تذكر شيئاً وأنا أصدق به وأحبه، فقال أبو يزيد: ولو صمت ثلثمائة سنة
وقمت ليلها ما وجدت من هذا ذرة! قال: ولم؟ قال: لأنك محجوب بنفسك، قال: فلهذا
دواء؟ قال: