قال:
أراد أن يعاقبني بفعله هذا.. فقد أوحى إليه بعضهم بأنني لن أكف عما أنا فيه إلا
بتلك العزلة التي تعيد لعقلي اتزانه.
قلت:
فكيف خرجت من هذه البقعة؟.. وكيف استطعت أن تقوم برحلتك هذه فيها، وقد ذكرت لي أنه
ليس فيها إلا التراب؟
قال:
لقد قدر الله أن تكون رحلتي هذه في تلك البقعة الخالية التي ليس فيها إلا التراب.
قلت:
لقد ملأتني بالعجب.. كيف ذلك؟.. وليس في الخلاء إلا الهباء.
قال:
ببصرنا الضعيف نرى الهباء..ولكنا ببصر الحقيقة نرى ما لا يمكن تصوره.
قلت:
لقد زدتني عجبا.. فحدثني كيف كان ذلك؟
قال:
عندما انصرفت الطائرة انصرفت إلى أذكاري وأورادي.. وقد شعرت بأنس عظيم وأنا في تلك
الحال، وفي تلك البقعة..
وفجأة..
وبينما أنا كذلك إذا بي أرى صاحبك (معلم السلام) كالشمس في ضحاها، وكالزهور في
جمالها، وكالبراءة في ابتسامتها.. ما رأيته حتى صحت بأعلى صوتي أريد أن أسمعه: يا
من يمتلئ بالحكمة والنور.. تعال أخبرك أخبارا سارة.. لقد يسر الله لي الطريق إليه..
لقد عرفت محمدا (ص).. وعرفت أنه هو الشمس التي
دلتني عليها جميع الحقائق.
رأيت
البشر على وجهه.. لكنه أشاح بوجهه عني، وهو يقول: ليس الشأن أن تعرف الملوك، ولكن
الشأن أن ترفع الحجب عنك، فتدخل عليهم.. وليس الشأن أن تدخل عليهم، ولكن