responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : النبي الهادي نویسنده : د. نور الدين أبو لحية    جلد : 1  صفحه : 43
أمري)([30])، فالنبي (ص) في هذا الحديث أمره أن يمكث في أهله، ولا يهاجر حتى ينتصر الرسول (ص) ويتمكّن في الأرض.

قلت: كيف ذلك مع أن الهجرة كانت فرضا.. وقد قال تعالى:﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾ (لأنفال:72)

قال: لأن ظروف أبي ذر كانت تختلف اختلافا كبيرا عن ظروف سائر الصحابة.. فلم يكن أبو ذر من أهل مكة، ولم يكن له ناصر منهم، فيؤذونه أذى كبيرًا، فلذلك طلب منه رسول الله (ص) ذلك.

قلت: وعيت هذا.. فاذكر لي أمثلة أخرى..

قال: من ذلك ـ مثلا ـ أن رسول الله (ص) مر بامرأة تبكي على ولدها، فقال:(اتقي الله واصبري)، فقالت: إليك عني، فإنك لم تصب بمصيبتي، ولم تعرفه، فقيل لها: إنه النبي (ص)، فأتت باب النبي (ص)، فلم تجد عنده بَوَّابِين، فقالت: لم أعرفك، فقال:(إنما الصبر عند الصدمة الأولى)([31])

انظر.. لا شك أن كلمتها (إليكَ عني) كلمة كبيرة على أحدنا، فكيف إذا قيلت لرسول الله (ص).. ولكن النبي (ص) حكيم الحكماء، أدرك ما كانت المرأة عليه من حالة خاصة، فضلاً عن أنها لم تعرفه.. فاكتفى بأن أعرض عنها، بل أعرض عن تعليمها، لأنها في حال لا يُمَكّنها من القبول والفهم، فلما جاءته وكانت في نفسية غير نفسيتها الأولى، أقبل عليها الرسول (ص) يعظها ويعلمها ولا يعاتبها.

ومثل ذلك ما روي أن شابا جاء إلى النبي (ص) فقال: ائذن لي بالزنى، فأقبل القوم عليه، فزجروه، وقالوا: مه مه، فقال: ادنه فدنا منه قريباً، قال: فجلس، قال: أتحبه لأمك؟ قال: لا والله، جعلني الله فداءك. قال: ولا الناس يحبونه لأمهاتهم قال: أفتحبه لابنتك؟ قال: لا والله يا رسول الله، جعلني الله فداءك. قال: ولا الناس يحبونه لبناتهم قال أفتحبه لأختك؟ قال: لا والله جعلني الله فداءك. قال: ولا الناس يحبونه لأخواتهم قال: أفتحبه لعمتك؟ قال: لا والله جعلني الله فداءك. قال: ولا الناس يحبونه لعماتهم قال: أفتحبه لخالتك؟ قال: لا والله جعلني الله فداءك قال: ولا الناس يحبونه لخالاتهم. قال: فوضع يده عليه، وقال: اللهم اغفر ذنبه، وطهِّر قلبه، وحَصِّن فَرْجَه قال: فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء([32]).


[30] رواه البخاري ومسلم.

[31] رواه البخاري ومسلم.

[32] رواه أحمد واللفظ له، والطبراني في الكبير وفي مسند الشاميين.

نام کتاب : النبي الهادي نویسنده : د. نور الدين أبو لحية    جلد : 1  صفحه : 43
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست