قال: ومع ذلك اعتبرهم الله
رسلا.. فالمؤمن هو الذي يحمل رسالة نبيه ليسير بها في الناس، ويكون رسول رسول الله
(ص) إلى الناس.. فلا تكتمل
الوراثة إلا بذلك.
***
ما وصل محمد الهادي من حديثه إلى هذا الموضع حتى لاح لنا العمران..
وقد دهشت إذ سمعت الترانيم العذبة تستقبلنا كما استقبلت رسول الله (ص).. وكأن الزمن عاد إلى تلك الأيام
الجميلة التي دخل فيها رسول الله (ص)
المدينة التي ناصرته وسارت على قدمه.
مكثت في تلك المدينة من المدن المحاذية للأدغال فترة طويلة من
الزمان، وقد عجبت من التغير العظيم الذي حصل لها..
لقد كنت كغيري من المبشرين والسواح نتهيب الدخول إليها.. فقد كانت
الأنباء تسير إلينا بأن أهلها من أكلة لحوم البشر.. فلذلك لم يكن أحد يجرؤ على
الدخول إليها.. لكن ما رأيته فيها جعلني أحتار في أمري، وفي دقة المعلومات التي
كنا نحملها عنها.
وقد دعاني ذلك إلى أن أسأل محمدا الهادي عنها، فقال: لقد كانت هذه
المدينة كذلك.. ولم تكذبكم الأخبار التي وصلتكم عنها.
قلت: ولكني أراها كأنعم بلاد الله، بل هي أكثر بلاد الله سلاما
وإيمانا.