قال شكيب: ولكن ذلك قد يؤلب علينا بعض المتزمتين.. لاشك أنك
تعرفهم، وتعرف موقفهم من هذا ومثله.. هم لا يرضون إلا بالوسائل التي نصت عليها
السنة.
قال الشعراوي: فقد نصت السنة على هذا؟
قالوا متعجبين: أين ذلك؟
قال الشعراوي: ألم تقرأوا حديث الأبرص والأقرع والأعمي؟
قالوا: بلى..
قال الشعراوي: فقد مثّل المَلَك دور الفقير حين سأل الأعمى،
والأبرص، والأقرع كما هو معروف في الحديث([613]).
ليس ذلك فقط.. بل إن النبي (ص) قام بتمثيل كيفية الصلاة، ولم يرد
الصلاة ـ وقتئذ ـ لذاتها، وإنما أراد تعليم الناس، فعن سهل قال: رأيت رسول الله (ص) صلى عليه (أي على درجات المنبر)، وكبر
وهو عليها، ثم ركع وهو عليها، ثم نزل القهقري، فسجد في أصل المنبر ثم عاد، فلما
فرغ أقبل على الناس، فقال: (أيها الناس؛ إنما صنعت هذا لتأتموا بي، ولتعلّموا
صلاتي)([614])
ومثل سبطا رسول الله (ص)، وسيدا شباب أهل الجنة، فقد روي أنهما رأيا ـ وهما طفلان ـ رجلا لا
يحسن الوضوء، فاتفقا على طريقة لطيفة لكي لا يجرحا كبرياءه، فقالا له: يا عم، يزعم
هذا أنه يحسن الوضوء، وأني لا أحسن؛ فنرجوك أن تنظر إلينا، وأن تحكم بيننا؟، فتوضآ
أمامه أحسن ما يكون الوضوء، وفهم الرجل وقال: يا بني أنا عمكم الجاهل لا أنتما.
قال القمي: نعم ما ذكرت.. وسأبشر أهل بلدي([615]) بهذا.. فإن فيهم من عباقرة الإخراج
والتثميل ما يملؤكم بالعجب..
قال الشعراوي: ومثل ذلك أهل بلدي.. ولم يدعني إلى ذكر هذه
الوسيلة والاستهلال بها إلا لأنه يأتيني بين الحين والحين