responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : النبي الهادي نویسنده : د. نور الدين أبو لحية    جلد : 1  صفحه : 411
ومما يدل على هذا ما ذكره الله تعالى من إظهار سليمان لملكة سبأ بعض مظاهر الملك التي أعطاها الله له، فلم يكن غرضه من ذلك الفخر عليها، وإنما كان غرضه تعريفها بالله، لأنها انشغلت بالعرش العظيم([604]) الذي كان لها عن الله، فلذلك كان أول ما لاقاها به سليمان هو عرشها الذي حجبها عن الله، وعن التسليم له، قال تعالى:﴿ فَلَمَّا جَاءَتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ ﴾(النمل:42)

فلما قالت ذلك، وفي غمرة انبهارها بما رأت أخبرها سليمان بأنه مع هذا الملك كان مسلما لله، فلم يحجب به عن الله، فقال تعالى على لسانه:﴿ وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ﴾

فلما رأى سليمان u حاجتها إلى المزيد من الأدلة، أحضرها إلى الصرح الممرد من القوارير، وقد كان من الجمال بحيث لا يساوي عرشها الذي شغلها عن الله شيئا بجانبه، وحينذاك لم تملك إلا أن تسلم لله، قال تعالى:﴿ قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَنْ سَاقَيْهَا قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوَارِيرَ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ (النمل:44)

ثم ترقيت.. وانتقلت من القصة إلى واقعنا.. فعلمت أننا في واقع منبهر تمام الانبهار بالدنيا، فلا يمكن أن يدخل الناس في دين الله أفواجا، وهم يروننا في ذيل القافلة، لا عمل لنا إلا استهلاك ما يصدر لنا.

قال الشعراوي: ولكن الأمم سبقتنا في هذا المجال إلى محال لا يمكن أن يلحقوا فيها، فكيف ترى أن نسبقهم في هذا؟

قال إقبال: ذاك ما ظللت طول عمري أبحث عنه.. لقد كنت أقول دائما لنفسي: نعم.. هم سبقونا.. ولكن مع ذلك يمكن أن نسبقهم..

كنت أقول ذلك ـ في البدء ـ لأملأ نفسي بالأمل.. لكن الأمل بعد ذلك اتسع، بل صار بين عيني حقيقة لا يصعب علينا بالعمل الجاد، وبالإرادة الجادة أن نحققها.

قال الشعراوي: كيف ذلك.. بشرنا.. فطالما اهتممنا لما اهتممت له.

قال إقبال: لقد كان الحجاب الأعظم الذي جعلنا نستشعر تأخرنا عن الأمم، وعدم إمكانية لحوقنا بهم هو تصورنا أننا


(1) وقد ذكر القرآن الكريم ذلك، فقال على لسان الهدهد:﴿إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ ( (النمل:23)

نام کتاب : النبي الهادي نویسنده : د. نور الدين أبو لحية    جلد : 1  صفحه : 411
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست