قلت: لا بأس.. سأعمل بنصيحتك.. دلني على هذه الكتب التي نصحتني بها..
سار بي قليلا في أركان المكتبة.. وفي جناح من أجنحتها كتب
على لوحه (نحوُ المبتدئين)، وكتب في الدرج الذي فوقه (نحوُ المتوسطين)، وفي درج
فوقهم جميعا (نحوُ المحترفين)
قلت: هذه أول مرة في حياتي أرى الكتب ترتب بهذا الأسلوب؟
قال: ليست كتب النحو وحدها هي التي رتبت بهذا الأسلوب.. لقد
من الله علي، فرتبت الجميع بحسب مراتبها..
قلت: أنت مهتم بمكتبك، وبزبائنك كثيرا؟
قال: هذه مكتبة أخ من إخواني في الله..
قلت: فأنت تعمل عنده؟
قال: أنا أعمل عند الله.. لقد رأيت هذه الكتب لا تراعي مراتب
الناس، فأردت أن أرتبها، ليتيسر على كل طالب علم أن يجد بغيته من غير عناء.. وقد
طلبت من صاحب المكتبة أن أفعل هذا.. في البداية رفض.. ولكنه عندما رأى نفور الناس
من مكتبته، طلب مني أن أرتبها بحسب ما ذكرت له.. وهو الآن ـ بحمد الله ـ راض عما
يجنيه منها، بل يعتقد أن الترتيب الذي وضعته هو السر في إقبال الزبائن عليها.
قلت: من أنت.. لكأني بك أحد الذين أبحث عنهم؟
قال: أنا الذي أعرف للمراتب حقها.. فلا أتجاوز بها منازلها.
قلت: ففمك هو الفم الأول؟
قال: إن كانت الحكمة هي الفم الأول.. ففمي ـ بحمد الله ـ هو
ذلك الفم.
قلت: لقد طلبت من صاحب هذه المكتبة أن ترتب كتبه لوجه الله..
فهل لك أن ترتب كتبي لوجه الله؟
قال: إن كنت الباحث عن الهادي.. فقد ظفرت ببغيتك عندي.