قال: إن السير في هذه الغابة يحتاج إلى قوة وبصيرة وصبر.. فهل
تملكها؟
قلت: إن لم أملكها في جميع حياتي، فسأملكها اليوم.
قال: أنت تعلم أن في كل خطوة في هذه الطريق شرك أو أحبولة أو
حفرة يمكن أن تقع فيها.
قلت: أعلم ذلك.. ولولا ذلك لكنت قطعت الطريق بنفسي، وما
احتجت إليك لتدلني.
قال: فما دمت قد تحققت بالإرادة، وتحليت بالهمة.. فما عليك
إلا أن تتبعني.. فما أيسر السير على صاحب الإرادة، المتحلي بالهمة.
قلت: لقد سرت بالسيارة مسافة طويلة.. فكم يا ترى يمكن
لأرجلنا الضعيفة أن تقطع تلك المسافة؟
قال: لا يهم الزمن في هذه المحال.. المهم هو أن نسير في
الطريق الصحيح.. لأن خطأ واحدا سيضعنا في أفواه السباع.
قلت: وسيارتي!؟
قال: أراك تردد ما ردد أكثر من أريد أن أنقذهم.
قلت: أكانت لديهم سيارات؟
قال: لو لم تكن لديهم سيارات لنجوا.. لقد أهلكتهم سياراتهم.
قلت: كيف أهلكتهم مع أنها لم تصمم إلا للإنقاذ؟
قال: لقد تعلقوا بها، فلم يستطيعوا أن يسيروا ويتركوها..
فهلكوا وهلكت سياراتهم معهم.. وإن شئت أريتك من هياكلها ما يملؤها زهدا في سيارتك،
ورغبة عن التعلق بها.
قلت: فأرني ذلك.. لعل همتي تترفع عن هذه السيارة التي التصقت
بروحي.
لم يسر بي إلا قليلا حتى رأينا سيارة اخترقتها بعض القوارض،
وحولتها مأوى لها..