قال جعفر: فما أولها؟

قال الصبي: ذكر القلب.. فالقلب الذي يرى النعمة، ويمتلئ بفضل الله عند نظره إليها، لابد أن ينطق لسانه بالشهادة لها بأنها من الله وبالله، وأنه لولا الله ما كانت، ولولا الله ما امتدت اليد إليها.

قال جعفر: تقصد التسمية؟

قال الصبي: إذا امتلأ القلب بمعنى التسمية فاض اللسان بها.. فإذا فاض بها كان منفذا لقوله تعالى:﴿ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ﴾ (المائدة: 4)، وقوله تعالى:﴿ فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ بِآياتِهِ مُؤْمِنِينَ﴾ (الأنعام:118)

وكان منفذا بعد ذلك لقوله (ص): (إذا أكل أحدكم فليذكر اسم الله تعالى في أوله فإن نسي أن يذكر اسم الله تعالى في أوله فليقل: بسم الله أوله وآخره)([150])، قال عمر بن أبي سلمة: قال لي رسول الله (ص): (يا بني سم الله تعالى وكل بيمينك وكل مما يليك)([151])

قال جعفر: فما سر التسمية، وما سر بركاتها؟

قال الصبي: المسمي يأكل من فضل الله، وبإذن الله.. فلذلك يعطى من بركات الله، ومن خزائن الغيب ما لا تراه الأبصار.

قال جعفر: وغيره؟

قال الصبي: يغير على فضل الله كما يغير اللصوص من غير استئذان، فلذلك، يأكل ولا يشبع، ويدخل في جوفه الطعام، ولا يدخل في جوفه بركته.

قال جعفر: ألك شاهد على ذلك؟

قال الصبي: لقد ورد في الحديث أن رسول الله (ص) كان يأكل الطعام في نفر من أصحابه فجاء أعرابي فأكله بلقمتين، فقال رسول الله (ص): (أما إنه لو سمى لكفاكم، فإذا

[149] رواه مسلم.

[150] رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح.

[151] رواه البخاري ومسلم.